فنادق نابلس الشعبية.. أيام العز ولّت
ABRAJ: 1.99(%)   AHC: 0.88(%)   AIB: 1.50(1.32%)   AIG: 0.19(%)   AMLAK: 5.00(%)   APC: 7.25(%)   APIC: 2.60(0.00%)   AQARIYA: 0.82(%)   ARAB: 0.95(%)   ARKAAN: 1.37(0.72%)   AZIZA: 3.00(1.64%)   BJP: 2.80(%)   BOP: 1.61(0.62%)   BPC: 4.22(4.46%)   GMC: 0.80(%)   GUI: 2.08(%)   ISBK: 1.46(0.00%)   ISH: 1.04( %)   JCC: 2.08(4.00%)   JPH: 3.80(0.00%)   JREI: 0.28(%)   LADAEN: 2.36(0.42%)   MIC: 3.14(%)   NAPCO: 1.04( %)   NCI: 1.68( %)   NIC: 3.32( %)   NSC: 3.31( %)   OOREDOO: 0.83(2.47%)   PADICO: 1.10(0.00%)   PALAQAR: 0.42(%)   PALTEL: 4.73(1.46%)   PEC: 2.84(7.49%)   PIBC: 1.08( %)   PICO: 3.39( %)   PID: 1.90(0.00%)   PIIC: 1.91(0.00%)   PRICO: 0.32( %)   PSE: 3.00(%)   QUDS: 1.34( %)   RSR: 3.60( %)   SAFABANK: 0.60( %)   SANAD: 2.20( %)   TIC: 3.00(4.17%)   TNB: 1.42(0.71%)   TPIC: 2.05( %)   TRUST: 3.04( %)   UCI: 0.48(0.00%)   VOIC: 14.50( %)   WASSEL: 0.92(1.08%)  
12:00 صباحاً 06 نيسان 2015

فنادق نابلس الشعبية.. أيام العز ولّت

نابلس-  الاقتصادي- شادن غنّام- "كان من المستحيل أن تمر ليلة عليها دون نزلاء" إلى هذا الحد كان صيت الفنادق الصغيرة التي كانت تحقق شعبية كبيرة في أوساط الأشخاص داخل فلسطين وخارجها، كما قال صاحب فندق شعبي في نابلس، فرائحة البناء القديم وطابعه المميز الممزوج بذكريات تجمع اللهجات العربية والأجنبية المختلفة، كانت المغناطيس الذي جذب آلاف الأشخاص للمبيت في هذه الفنادق الشعبية، إضافة إلى عوامل أخرى اختفت مع الزمن واختلاف الأوضاع وأخفت معها العديد من هذه الفنادق.

بعض الفنادق الشعبية في نابلس لم تكن مجرد مكان للمبيت فقط وإنما أيضا لنسج علاقات اجتماعية متنوعة واكتشاف ثقافات جديدة من خلال تنوع النزلاء فيها ومن ذلك ما يقوله صاحب بنسيون الاستقلال "فيصل عيران" والذي ورث الفندق القائم منذ عام 1948 عن أبيه: "استقبلنا في هذا المكان الزوّار والنزلاء العرب والأجانب من مختلف دول العالم من مصر مثلا والأردن وأميركا وهولندا وإيطاليا، ومن داخل فلسطين كذلك، وكان النزلاء أحيانا يجتمعون مساء في هذه القاعة المشتركة يتحدثون ويتبادلون القصص المختلفة التي تحدث معهم في بلد هم ضيوفه وتصبح بينهم علاقات إنسانية جميلة فيحملون ذكرى المكان والأشخاص، ومنهم من بقوا على تواصل معي حتى بعد مغادرتهم".
 

"أيام العز" ولت

لم يختلف الأمر كثيرا بالنسبة لفندق رمسيس وصاحبه الستيني "محمود هندية" والذي أيضا ورث الفندق عن أبيه، حيث وصف بحسرة "أيام العز" كما وصفها للفندق حين كان يستقبل زوّارا من الخليج العربي ومصر وسوريا والأردن والأجانب أيضا، ويقول: "كانت الفنادق الشعبية بمكانتها أهم من فنادق الخمس نجوم في يومنا هذا، وذلك لأنه لم يكن جميع السائحين قادرين على دفع تكاليف عالية للفنادق، فالأسعار الزهيدة وكذلك الجو المميز للبنسونات والتي يميزها عن الفنادق الكبيرة إضافة إلى استراتيجية موقع بنسيوني والذي يقع في وسط البلد وقريب من كل شيء ليوفر على السائح تكاليف المواصلات جميعها كانت عوامل جذب ساهمت في ازدهار البنسيون أيامها".

ويبين هندية أنه وفي بعض الأوقات ولشدة ازدهار الوضع الاقتصادي لبنسيونه كان يضطر للاعتذار من بعض السائحين الذي كانوا يأتون للحجز والمبيت هناك وذلك بسبب ازدحام المكان بالنزلاء، كما يضيف هندية "التجربة الجيدة والمبيت المريح للنزلاء هنا كانت تنعكس جيدا عليّ وذلك لأنهم كانوا يدلّون غيرهم من السياح من معارفهم أو أصدقائهم الذين يزورون نابلس على البنسيون فكانوا يأتون ويبيتون هنا".
 

انقراض محتّم

الأوضاع السياسية دائمة الاضطراب في فلسطين بسبب الاحتلال الاسرائيلي، لم تتح المجال للفلسطينيين بالاستقرار على مختلف الأصعدة، كما أثرت على الحركة السياحية التي تعتبر المحرّك الأساسي لدخل الفنادق الشعبية التي توشك حاليا على الانقراض حيث لم يبق منها سوى اثنين، إضافة إلى اثنين حديثين. 

يصف عيران صاحب الاستقلال، الذي أدت الأوضاع السياسية إلى انحدار وضعه المادي بشكل كبير، ما حلّ بعائلته التي امتلكت بنسيونات في يافا أيضا، وهجّرت منها عام النكبة فيقول: " عائلتي أجبرت على ترك كل شيء كما باقي الفلسطينيين الذي هجروا عام 1948 وكان لنا ثلاثة بنسيونات لم يستطع أبي الرجوع إليها وتفقدها إلا بعدما هدأت الأوضاع قليلا بعد فترة زمنية من التهجير، وعند عودته وجد الاحتلال قد حولها إلى مخازن، طبعا هذا عدا عن البنسيونين اللذين امتلكهما في حيفا ولقيا نفس المصير وربما أسوأ، وها هو بنسيوني هنا يلاقي أيضا مصيرا سيء الجزء الأكبر سببه الاحتلال". 

ويرى عيران أنه وبالإضافة إلى الاحتلال فإن تطور الحياة ومنافسة الفنادق الجديدة أثرت أيضا وبشكل كبير على وضع فندقه الذي أصبحت تمر عليه أيام وحتى أسابيع وهو خال دون نزلاء بعد أن كان في اليوم الواحد لا يستقبل أقل من ثلاثة نزلاء فيه. 

ويتفق "هندية" صاحب رمسيس مع "عيران" على أن الاحتلال هو "الهم الاكبر" على حد تعبيره، فقد تعرض فندقه للإغلاق عدة مرات في الانتفاضتين الأولى والثانية، كما اقتحمه الجنود الاسرائيليون ودمروا ممتلكاته، هذا بالإضافة إلى السنوات الكثيرة التي مرت على نشأة الفندق جعلته بحاجة إلى ترميم لا يستطيع هندية تحمل تكاليفه ما يزيد من شكوكه في أن يستمر الفندق بعد وفاته.

وفي السياق ذاته يضيف "هندية": "صعوبة الأوضاع والحصار الذي فرض على مدينة نابلس قلل من الحركة السياحية كثيرا، عدا ذلك فإن منع العرب من دخول فلسطين أثّر أيضا على عملي فقد كنا نستقبل الكثير منهم خاصة من دول الخليج وفي فترات الصيف، وحتى الحصار على غزة أثّر علينا أيضا وقد كنا نستقبل نزلاء من هناك" إلا أنه اليوم وكما قال فإن النزل أصبح معظم الأوقات فارغا إلا من بعض الأجانب الذين تجيء بهم الصدفة إلى هنا، على الرغم من أن عدد نزلاء البنسيون سابقا لم يكن يقل عن تسعة في اليوم.

ومما اعتبره عيران وهندية أيضا من أسباب تراجع أوضاع الفنادق الشعبية، قلة الاهتمام الحكومي بها فعلى الرغم من أنها تعتبر مشروع عمل خاص إلا أن أصحابها رأوا أنها بقِدَمِها تعكس واجهة عريقة للمدينة يمكن أن تكون محط اهتمام السياح خاصة أن بعضا منها حظي بزيارة شخصيات مرموقة مثل فندق فلسطين الشعبي الذي حلت محله الآن وكالة الغوث، حيث زاره الملك الأردني الحسين بن طلال وغيره من الشخصيات.
 

"إسع يا عبدي وأنا بسعى معاك"

لمكتب وزارة السياحة في نابلس كان هناك رأي وتعليل لأسباب تراجع الفنادق الشعبية في نابلس، فعزا رئيس قسم الفعاليات في وزارة السياحة شمال الضفة خالد تميم أسباب هذا التراجع إلى تقصير أصحاب هذه الفنادق تجاه تطوير فنادقهم في الوقت الحالي ومواكبة البرامج والمستجدات والشركات السياحية، وأضاف تميم: "أن افتقاد هذه الفنادق طرقا للتواصل مع المؤسسات الأخرى وتطوير برامجها السياحية وعمل عروضات تجذب الزوار الوافدين سيؤدي إلى استمرار تراجعها، بالتأكيد يوجد لدينا اهتمام ورغبة تامة بالتعاون معهم إلا أن التعاون من جهة واحدة لن يغير شيئا".  وبين أن المصدر الوحيد لدخلها في الوقت الحالي هم النزلاء المحليون وغالبيتهم من التجار، حيث يأتون من مدن أخرى كجنين والخليل وغيرها لأغراض التجارة ويبيتون ليلة أو على الأكثر ليلتين. وفيما يتعلق بالفنادق الشعبية التي أغلقت فبيّن تميم أنه لا يخفى على أحد أن نابلس مرّت بأوضاع صعبة خاصة خلال الانتفاضات التي أثرت أيضا على كل شيء بما في ذلك الفنادق التي لم يستطع أصحابها الاستمرار في ظل سوء الوضع انذاك.

وفيما يتعلق بالتجارب الناجحة مع الفنادق الشعبية ذكر تميم أن البلدية في سبسطية قامت بإنشاء فندق شعبي صغير من خلال ترميم مبنى قديم، ويعمل الآن بشكل جيد، حيث يعمل القائمون عليه على الإعلان عنه بشكل جيّد كما يتواصلون مع الجهات المعنية لإعلامهم بوجود هذا الفندق وبما يقدّمه من خدمات للنزلاء.

ونسبة إلى وزارة السياحة والاثار فإن عدد السياح الوافدين من الخارج إلى نابلس مع مبيت خلال عام 2013 وصل إلى أكثر من عشرة آلاف سائح، بينما وصل عدد السياح المحليين ممن زاروا نابلس مع مبيت إلى أكثر من خمسة آلاف سائح. 
 
Loading...