مقال || ما مدى مسؤولية عضو مجلس الإدارة عن قراراته؟
AHC: 0.80(%)   AIB: 1.20(6.19%)   AIG: 0.18(5.26%)   AMLAK: 5.00(%)   APC: 6.89(%)   APIC: 1.85(1.65%)   AQARIYA: 0.75(%)   ARAB: 0.95(%)   ARKAAN: 1.72(0.00%)   AZIZA: 3.00(%)   BJP: 2.76(%)   BOP: 1.65(1.20%)   BPC: 3.99(6.40%)   GMC: 0.71(%)   GUI: 1.71(%)   ISBK: 1.27(1.55%)   ISH: 1.04(0.00%)   JCC: 1.65(0.61%)   JPH: 3.85( %)   JREI: 0.15( %)   LADAEN: 2.50( %)   MIC: 2.47( %)   NAPCO: 1.03( %)   NCI: 1.75(%)   NIC: 2.60(0.00%)   NSC: 3.03(%)   OOREDOO: 0.75(1.35%)   PADICO: 1.49(3.87%)   PALAQAR: 0.42(%)   PALTEL: 4.35(1.16%)   PEC: 2.84(%)   PIBC: 1.08(%)   PICO: 3.50(%)   PID: 2.00(%)   PIIC: 1.98(%)   PRICO: 0.28(0.00%)   PSE: 3.00(%)   QUDS: 1.24(0.81%)   RSR: 4.50(%)   SAFABANK: 0.55(3.51%)   SANAD: 2.20(%)   TIC: 2.75(%)   TNB: 1.40(%)   TPIC: 2.18(0.00%)   TRUST: 2.44(%)   UCI: 0.38(%)   VOIC: 7.00(%)   WASSEL: 1.03(3.00%)  
9:58 صباحاً 05 حزيران 2025

مقال || ما مدى مسؤولية عضو مجلس الإدارة عن قراراته؟

الانضمام إلى مجلس إدارة الشركة لا يُعد فخريًا أو شرفيًا، بل يرتب على العضو مسؤولية "فعلية" في حماية مصالح الشركة ومساهميها

الاقتصادي- فريق أندرسن- تلعب مجالس الإدارة دورًا محوريًا في رسم مسار الشركات وتوجيه أدائها المالي والإداري. وبالنظر إلى جسامة هذا الدور، يصبح تحقيق التوازن بين منح الأعضاء الحرية لاتخاذ قرارات استراتيجية مدروسة، وضمان مساءلتهم القانونية عند الإخلال بواجباتهم، أمرًا ضروريًا لتعزيز استدامة الشركات وحماية مصالح المساهمين.

وبما أن مجلس الإدارة يمثل صلة الوصل بين المالكين/ المساهمين والإدارة التنفيذية/ المديرين، فإن ذلك يحمله مسؤولية مزدوجة تتمثل في الرقابة الاستراتيجية من جهة، وضمان حماية مصالح المساهمين من جهة أخرى. ولهذا، يحتاج المجلس إلى هامش من الحرية ليتمكن من اتخاذ قرارات جريئة وفعالة، خاصةً بأوقات الأزمات، شريطة الالتزام بالمعايير النظامية والإجراءات القانونية المعتمدة.

الحقيقة أن جوهر الحوكمة الفعّالة لا يكمن في تجميد القرار أو محاسبة المجلس بناءً على نتائج لم يكن بالإمكان التنبؤ بها، بل في منح الأعضاء مساحة معينة لاتخاذ قرارات استراتيجية تنطوي على مخاطر محسوبة، بشرط أن تُبنى على تقييم مدروس، وضمن إطار قانوني يُراعي حسن النية والالتزام بالواجبات. فالمطلوب اليوم ليس مجلس إدارة يخشى اتخاذ القرار، بل مجلس واعٍ بمسؤولياته، جريء في توجهه، ومنضبط في إجراءاته. هذا وإن إدراك عضو المجلس للعواقب وقدرته على إدارة المخاطر لا تجنبها، هو ما يصنع الفارق بين قيادة متقدمة وأخرى مترددة.

مبدأ تقييم قرارات مجلس الإدارة

ومن أبرز الآليات التي تحقق هذا التوازن: مبدأ تقييم قرارات مجلس الإدارة، الذي يقوم على حماية الأعضاء الذين يتخذون قرارات مدروسة بحسن نية ولصالح الشركة وتحقيقاً لأهدافها. وبموجب هذا المبدأ، يتمتع العضو بالحماية القانونية حتى إذا لم تتحقق النتائج المرجوة لاحقًا، طالما التزم بالمعايير والإجراءات المطلوبة.

وقد اعتمدت أنظمة قانونية حديثة هذا المفهوم لضمان وجود بيئة تُحقق التوازن بين تشجيع المجالس على اتخاذ قرارات جريئة ومدروسة، وبين حماية مصالح كل من الشركات والمساهمين. ويتبنى نظام الشركات السعودي لعام 2022 هذا النهج عبر تحديد معايير واضحة تُعفي العضو من المسؤولية إذا تصرّفَ بما لا يصب في مصلحته الشخصية، وبعناية معقولة، وباعتقاد عقلاني بأن قراره يخدم مصلحة الشركة.

المسؤولية القانونية لأعضاء مجلس الإدارة في فلسطين

الأصل أن الانضمام إلى مجلس إدارة الشركة لا يُعد فخريًا أو شرفيًا، بل يرتب على العضو مسؤولية "فعلية" في حماية مصالح الشركة ومساهميها. وبموجب القرار بقانون رقم (42) لسنة 2021 بشأن الشركات، ودليل القواعد والممارسات الفضلى لحوكمة المصارف، يتوجب على عضو المجلس أن يلتزم بالتصرف بحسن نية، وأن يمتثل للأنظمة السارية، وأن يمارس رقابة فعالة على أعمال الشركة.

هذا ويخضع عضو مجلس الإدارة للمساءلة القانونية إذا خالف أحكام الوثائق التأسيسية للشركة أو القوانين والأنظمة السارية، أو شارك في قرارات تتعلق بمصلحة شخصية دون الإفصاح أو الامتناع كما نصت المادة (109/5) من قانون الشركات، أو أهمل في أداء واجباته الإشرافية والإدارية، بما في ذلك الرقابة المالية على الشركة. كما يتحمل المسؤولية إذا شارك في اتخاذ قرارات صادرة عن اجتماعات مخالفة للنصاب أو الأصول الإجرائية مخالفًا للمادة (191)، أو سبب ضرراً لمصالح الشركة أو المساهمين نتيجة قرارات خاطئة أو سوء إدارة. كذلك، يخضع العضو للمساءلة إذا أخل بقواعد الحوكمة والشفافية، أو استغل منصبه لتحقيق مكاسب شخصية، أو فقد شرطًا من شروط الكفاءة والنزاهة المنصوص عليها في القوانين والأنظمة ذات العلاقة.

ورغم وضوح هذه الالتزامات، إلا أن غياب معايير دقيقة لتقييم قرارات مجلس الإدارة بعد اتخاذها يظل يشكل تحديًا عمليًا. ذلك أن هذا الفراغ لا يؤدي فقط إلى صعوبة تحديد حدود المسؤولية بدقة، بل قد ينعكس أيضًا على سلوك أعضاء المجلس، مما يدفع البعض إلى تبني نهج مفرط في الحذر، بما يعيق اتخاذ قرارات استراتيجية جريئة تصب في مصلحة الشركة على المدى الطويل.

موقف النظام السعودي من مساءلة أعضاء مجلس الإدارة

أدرك المنظم (المشرع) السعودي أهمية منح أعضاء مجلس الإدارة الحرية اللازمة لاتخاذ قرارات استراتيجية مع الحفاظ على إطار مساءلة عادل، لذلك نصت المادة (31) من نظام الشركات السعودي لعام 2022 على وضع معايير واضحة تعفي العضو من المسؤولية طالما التزم بشروط محددة.

بناء على ذلك، ووفقاً للنظام، لا يُسأل عضو مجلس الإدارة عن قرار اتخذه أو صوت عليه إذا ثبت الآتي:

أنه لم تكن له مصلحة شخصية مباشرة أو غير مباشرة في القرار.

أنه ألمّ بموضوع القرار بالحد المناسب وفقًا للظروف المحيطة.

أنه اعتقد اعتقادًا عقلانيًا بعد تقييم معقول أن القرار يحقق مصلحة الشركة.

هذا الترتيب القانوني يعني عمليًا أن مساءلة عضو المجلس لا ترتبط بالنتائج فقط، بل بالسلوك والتحقق من بذل العناية عند اتخاذ القرار. وعلى مستوى التطبيق العملي، يوفر هذا النظام حماية قانونية تشجع مجالس الإدارة في السعودية على اتخاذ قرارات مدروسة وجريئة دون خوف مفرط من المساءلة القانونية، مما يعزز مرونة بيئة الأعمال ويشجع على النمو والاستثمار.

ختاماً، إن التوازن بين حرية مجلس الإدارة في اتخاذ القرارات وبين مساءلته القانونية يعد أحد أعمدة الحوكمة الرشيدة. ومن خلال تحليل الوضع في فلسطين مقارنة بالتجربة السعودية، يتضح أن غياب معايير تقييم دقيقة لقرارات مجالس الإدراة في القانون الفلسطيني يخلق تحديات حقيقية في تعزيز الكفاءة والشفافية داخل الشركات. لذا، تبرز الحاجة الملحة إلى تطوير إطار قانوني أوضح، يحدد معايير لمساءلة مبنية على منهجية تقييم سلوك الأعضاء لحظة اتخاذ القرار، بما يضمن بيئة عمل أكثر ديناميكية وأمانًا للشركات في فلسطين.

 

Loading...