جمانة حمدان.. الحلم الذي تحقق بعد 25 عاماً
10:18 صباحاً 06 تموز 2025

جمانة حمدان.. الحلم الذي تحقق بعد 25 عاماً

من آذنة في مدرسة إلى خريجة جامعية بعد 25 عاما من انقطاعها عن التعليم || من الخوف إلى منصة التخرج.. قصة امرأة لم يوقفها الزمن عن تحقيق حلمها

الاقتصادي- إيهاب عقل- في منتصف تسعينيات القرن الماضي تزوجت جمانة حمدان من قرية دورا القرع شمال رام الله، وكانت لا تتجاوز الـ17 عاما، ورغم تفوقها الدراسي في ذلك الوقت، إلا أنها تركت الدراسة مبكرا وتأجل حلمها، إذ اشترط والدها على زوجها أن يسمح لها بأن تكمل تعليمها.

بقي هذا الحلم مؤجلاً لجمانة، فأخذتها مشاغل الحياة والولادة والعناية بأطفالها، حيث أنجبت أربعة بنات، انهين جميعهن الثانوية العامة قبل أن تحقق حلمها بذلك.

 أصر عليها زوجها مرارا أن تكمل تعليمها، إلا أنها كانت تفضل التأجيل لموعد غير معلوم، كما أنه مع مرور السنوات أصبح يزداد خوفها وقلقها من هذه الخطوة.

بعد 25 عاما من انقطاعها عن التعليم، وبعد إلحاح زوجها وبناتها، بدأت جمانة بالاستعداد لتقديم امتحان الثانوية العامة في عام 2020، حيث كانت وقتها تعمل كآذنة في مدرسة "ربيحة ذياب" في قرية دورا القرع. إلا أنها في نهاية المطاف قررت التأجيل، بسبب الخوف الشديد الذي كان ينتابها.

قررت أخيرا أن تلتحق بالثانوية العامة في العام التالي، وتعهدت لنفسها ولزوجها وبناتها أن تبذل قصارى جهدها حتى تحقق حلمها وشرط والدها لزوجها حين تقدم لها في العام 1996.

بدأت جمانة في التحضير لامتحان الثانوية العامة ابتداء من شهر تشرين الأول/ أكتوبر في 2020، على أن يتم التقديم في صيف العام 2021، واشترطت على زوجها وبناتها أن يكون هذا الموضوع سري ومحصور داخل البيت، وأن لا يعرف به أحد.

تقدمت جمانة في ذلك العام غير أن الحظ لم يحالفها في مادة الرياضيات، أصابها الإحباط، إلا أن زوجها الذي كان عليه أن يرفع من معنوياتها وأن لا يجعل اليأس يتسلل إلى قلب زوجته، قرر في ذلك اليوم توزيع الحلويات.

وتقول جمانة: رغم أن رسبت في مادة الرياضيات، إلا أن زوجي اعتبر ذلك نجاحا، وأصر أن يوزع الحلويات، ومجددا أيضا إصراره أنه لا بد أن أعيد تقديم هذه المادة، حتى أحقق حلمي، ولا أنسى كذلك عندما عبرّن بناتي على مواقع التواصل الاجتماعي عن فخرهن بوالدتهن.

وتضيف: نجحت في امتحان الإعادة، كانت فرحة عارمة، لم أشهد لها مثيل، هذا الحلم المؤجل منذ 25 عاما يتحقق، كانت لحظات لا أنساها أبدا، فرغم عملي كآذنة وربة منزل، إلا أن صبري وتحملي لكل هذه الظروف حصدت ثماره أخيرا".

تمكنت جمانة من النجاح في الثانوية العامة عندما بلغت الـ43 عاما من عمرها، اقترحت وقتها على عائلتها أن تأخذ راحة لمدة عام، وبعدها تكمل تعليمها الجامعي.

" لا يوجد لدينا الوقت، لم تعودي صغيرة، العمر يجري، يجب أن تلتحقي بالجامعة على الفور"، قال لها زوجها حين فكرت بتأجيل دراستها الجامعة.

التحقت مباشرة بجامعة القدس المفتوحة ودرست تخصص الإرشاد التربوي، حيث حققت نتائج جيدة في سنتها الدراسية الأولى، ثم بدأت في السنوات التالية تدريبات عملية في مدارس ومعاهد.

وتقول: رغم أني كنت ما زلت على رأس عملي في المدرسة، فإن وجدت تشجيعا من المعلمات والمديرة، التي سمحت لي بأن اتفرغ يومين في الاسبوع وأذهب للتدريب كمرشدة في إحدى مدارس مخيم الجلزون ومركز آخر للعناية بالحالات الخاصة.

قبل شهر وقفت جمانة أمام أستاذتها في الجامعة، وأمام عائلتها وبناتها وأمها وزوجها لتقديم مشروع تخرجها الذي كان بعنوان: "التوافق الزواجي لدى الأسر التي لديها طفل من ذوي الإعاقة "، وقالت: "أنا جمانة حمدان التي ظلت تحمل حلما معها منذ 25 عاما، واليوم أحقق ما أردته وما سعيت إليه، ها أنا اليوم أحمل بين يدي شهادة البكالوريس، وسأكمل الطريق، فلن أتوقف هنا، فليس هناك حدودا لطموحي".

تنصح جمانة من يسعى من أجل حلمه، بأن لا تعطله عراقيل الحياة، فالمرء بنظرها يقاس بنجاحاته، وأنه لا بد أن يجابه كل مصاعب الحياة حتى ينال في النهاية ما يصبوا إليه.

Loading...