
الاقتصادي- لاتزال قضية تكدس الشيكل تلاقي بظلالها على الأسواق الفلسطينية، إذ يُقدّر حجم الشيكل المتراكم حالياً في البنوك الفلسطينية بنحو 13 مليار شيكل، وفق سلطة النقد.
وتعقيبا على هذه الأزمة، قال رئيس اتحاد الصناعات الفلسطينية نصار نصار في حديث خاص لـ"الاقتصادي"، إن معظم الأموال المتكدسة والمتراكمة في البنوك من عملة الشيكل غير معلومة المصدر.
وأوضح، أن معظم هذه الأموال إما مصدرها: غسيل أموال، أو ثمن الأراضي والشقق التي يشتريها الفلسطينيين من داخل أراضي الـ48، أو أنها أموال من التهرب الضريبي الذي يكون مصدرها غير معروف، أو الفساد الذي يكون على شكل دفع نقدي.
وأضاف، أن هذه العناصر جميعها اجتمعت، وأدت إلى تكدس الشيكل في البنوك الفلسطينية، بالمقابل ترفض إسرائيل استلامها، لأنه حسب الاتفاقية المعمول بها بين البنوك الفلسطينية والإسرائيلية فإنه يجب معرفة مصدر هذه الأموال.
وأشار إلى أن هذه المشكلة تراكمية منذ 10 سنوات، ولم يحاول أحد البحث عن حلول منطقية طيلة هذه المدة، رغم أنه جرى أكثر من اجتماع وتجاوب من الحكومة وسلطة النقد، إلا أن هناك أطرافا لا تريد الوصول إلى حل لهذه المشكلة.
وتابع نصار، أن اتحاد الصناعات الفلسطينية كغيره من القطاعات عليه جزء من تحمل مسؤولية هذه المشكلة، التي هي مشكلة لكل الشعب الفلسطيني، مشددا أن يجب حلها من جذورها من خلال ترحيل الأموال إلى إسرائيل حتى تعاد العجلة الاقتصادية للتحرك بطريقة سلمية، وأن تصبح الأمور واضحة مستقبلا فيما يتعلق بمصدر الأموال.
وشدد نصار على هامش اللقاء الذي عقد يوم أمس مع عدد من أعضاء تحالف "الإعلام الاقتصادي"، على ضرورة إعادة الزخم للقطاع الصناعي الذي من خلالها سنعكس على تقليل الاعتماد على الواردات من إسرائيل والخارج، وتوفير فرص عمل للشباب في ظل نسب بطالة مرتفعة تجاوزت 50%، وزيادة الصادرات الفلسطينية نحو الأسواق الإقليمية والعالمية وتوفير مظلة دعم لأكثر من 400 مُصدر فلسطيني، وتعزيز الإيرادات الضريبية للسلطة الفلسطينية، ورفد الخزينة بالإيرادات المباشرة، ما سيساهم في حل مشكلة الرواتب، والحد من الهيمنة على مستحقات المقاصة التي تجاوزت 9 مليار شيكل.
وباشرت البنوك الفلسطينية، منذ مطلع الشهر الجاري، تحويل جزء من الدفعة الربعية من الشيكل المتراكم في الجهاز المصرفي إلى إسرائيل، وذلك وفقاً للآلية المتفق عليها بين الجانبين، بحسب ما أفادت به سلطة النقد الفلسطينية في وقت سابق.
وتبلغ قيمة الدفعة الربعية الواحدة 4.5 مليار شيكل، من أصل 18 مليار شيكل يُسمح بتحويلها سنوياً إلى إسرائيل على أربع دفعات، بحسب سقف الكوتا المحدد، فيما تُقسّم كل دفعة على شحنات جزئية.
ومع بدء تحويل الدفعة الربعية، يُتوقع أن ينخفض هذا الرقم إلى نحو 8.5 مليار شيكل، قبل أن يُضاف إليه ما يستقبله الجهاز المصرفي من إيداعات جديدة.
ويُنتظر أن يسهم هذا التحويل في تخفيف الضغط عن البنوك المحلية، التي عانت خلال الشهرين الماضيين من أزمة حادة في السيولة، انعكست في صعوبات كبيرة بعمليات السحب والإيداع، ودفعت إلى تنامي السوق السوداء للعملات.
وتطالب الجهات الفلسطينية برفع الكوتا السنوية المخصصة لتحويل الشيكل إلى إسرائيل من 18 مليار شيكل إلى ما بين 25 و30 مليار شيكل سنوياً، بما يتناسب مع حجم التداول الفعلي داخل الأراضي الفلسطينية، ويُجنّب الجهاز المصرفي الأزمات المتكررة.
ووفي سياق متصل، وجهت سلطة النقد، إلى أهمية التوجه للدفع الإلكتروني للتخفيف من حدة الأزمة وتقليل الاعتماد على النقد، مشيرة إلى أن البنية التحتية الرقمية المتطورة للدفع الإلكتروني التي وفرتها سلطة النقد، والتي من ضمنها منصة سداد الفواتير (E-SADAD)، ونظام الدفع الفوري (iBURAQ)، ونقاط البيع الإلكترونية تسهل على المواطنين إتمام معاملاتهم المالية اليومية وبدون عمولات.
يشار إلى أن تكدس الشيكل هو عدم القدرة على شحن عملة الشيكل (الأوراق النقدية والعملات المعدنية) إلى البنوك الإسرائيلية وتكدسها في خزائن المصارف الفلسطينية، مما يعيق تغذية حسابات البنوك الفلسطينية لدى البنوك الإسرائيلية "حساب البنك المراسل" والذي يتم من خلاله تنفيذ المعاملات المالية مقابل عمليات شراء وبيع السلع والخدمات ما بين فلسطين والكيان الإسرائيلي.
كما أن عدم قدرة المصارف على شحن الشيكل وتغذية حساباتها المراسلة، يحد من قيام المصارف بدورها كوسيط مالي في تنفيذ العمليات التجارية ما بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي ويضاعف من حجم الأزمة، بالإضافة الى تحمل المصارف لتكاليف تخزين وتأمين ومخاطر نقل الأموال ما بين الفروع وخسارة الفرصة البديلة لتشغيل هذه الأموال.