
الاقتصادي- يشهد قطاع السياحة في مدينة القدس تدهورا اقتصاديا حادا منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وسط شلل شبه تام في السياحة الوافدة، التي تُعد العمود الفقري للاقتصاد المقدسي، خاصة في البلدة القديمة، بحسب الخبير السياحي طوني خشرم.
وأوضح خشرم -الذي يملك خبرة في المجال السياحي بالقدس لأكثر من 40 عاما- في حديث خاص لـ"الاقتصادي" أن الإيرادات السياحية وصلت إلى مستويات شبه صفرية، ما أدى إلى إغلاق معظم مكاتب السياحة والفنادق وبيوت الضيافة في المدينة، إضافة إلى تعطّل الحافلات السياحية وتوقف عمل الأدلاء والمرشدين الفلسطينيين، ما تسبب بخسائر مباشرة وغير مباشرة في قطاعات متعددة مرتبطة بالسياحة.
ولفت إلى، إن القطاع السياحي في القدس يواجه خطر عدم القدرة على الاستمرار نتيجة الخسائر الحالية العالية التي وقعت لعدة أسباب أبرزها، إلغاء الحجوزات وتذاكر السفر وعدم تحصيل الديون، كما أن العدد المحدود للسياح المتوقع قدومهم في المواسم السياحية المقبلة لن تغطي تكاليف تشغيل مزودي الخدمات السياحية، إضافة إلى عدم القدرة على إعادة تعيين الموظفين المدربين بشكل عام أو تعيين العدد الكافي للتعامل مع الوضع الحالي، وهذا الوضع تسبب في خسارة السوق للشركات الإسرائيلية المدعومة بميزانيات حكومية إسرائيلية ضخمة.
توقف كامل لقطاعات إنتاجية ومهن تقليدية
تسبب تعطل السياحة الوافدة في إغلاق غالبية محلات التحف الشرقية في البلدة القديمة، وتوقف مشاغل الخزف والمجوهرات التقليدية عن الإنتاج، مع تكدّس البضائع لغياب الزبائن والسياح. كما علّقت مشاغل الجلد والفضة عملياتها بالكامل، ما أدى إلى فقدان مئات العائلات لمصدر دخلها الأساسي.
وأشار خشرم إلى أن تداعيات الانهيار السياحي تجاوزت الجانب الاقتصادي لتتحول إلى أزمة اجتماعية حادة، تمثلت في تفشي البطالة، وتزايد معدلات الفقر، وهجرة قسرية للعائلات المقدسية نحو مناطق أخرى بحثًا عن فرص معيشية أفضل، في ظل تقديرات تشير إلى أن أكثر من 50% من السكان باتوا تحت خط الفقر.
أرقام صادمة وخسائر متراكمة
بحسب البيانات، أُغلقت منذ بدء العدوان أكثر من 300 منشأة تجارية وسياحية، من بينها 120 منشأة سياحية تشمل مكاتب سياحة وفنادق ومطاعم ومحلات هدايا. كما توقف عن العمل ما يزيد عن 298 مرشدًا سياحيًا و296 حافلة سياحية، في حين توقفت 52 مطعمًا سياحيًا، و350 محل تحف، و8 ورش خزف، و15 مشغل مجوهرات تقليدية، و6 مشاغل جلد وفضة، ما أدى إلى خسائر مالية تقدّر بعشرات ملايين الدولارات.
ويضاف إلى ذلك، العوائق الكبيرة التي تواجهها المؤسسات والأسر الفلسطينية في القدس في الحصول على القروض والتمويل، سواء للسكن أو الاستثمار أو الترميم، في ظل الأسعار المرتفعة في المدينة مقارنة بباقي الأراضي الفلسطينية، ما فاقم حالة الركود والانكماش في السوق المقدسي.
يشار إلى أنه حسب خشرم، يوجد في مدينة القدس 45 مكتبا للسياحة الوافدة و21 فندقا يحتوي على 1100 غرفة فندقية و12 بيت ضيافة تحتوي على 458 غرفة ضيافة، و260 دليلا ومرشدا سياحيا فلسطينيا، و296 حافلة سياحية أصحابها مقدسيون، إلى جانب 23 مطعما سياحيا صغير ومتوسط الحجم للسياحة الوافدة، و324 محل سوفنيير "محلات التحف الشرقية" معظمها في البلدة القديمة، و8 ورشات "مشاغل خزف"، و15 مشغل مجوهرات تقليدية فلسطينية، و2 مشغل جلد و4 مشاغل فضة، وجميعها توقفت عن العمل بخسائر تفوق عشرات ملايين الدولارات.
وقال، إن القطاع السياحي في القدس يواجه خطر عدم القدرة على الاستمرار نتيجة الخسائر الحالية العالية التي وقعت نتيجة إلغاء الحجوزات وتذاكر السفر وعدم تحصيل الديون، كما أن العدد المحدود للسياح المتوقع قدومهم في المواسم السياحية المقبلة لن تغطي تكاليف تشغيل مزودي الخدمات السياحية، إضافة إلى عدم القدرة على إعادة تعيين الموظفين المدربين بشكل عام أو تعيين العدد الكافي للتعامل مع الوضع الحالي، وهذا الوضع تسبب في خسارة السوق للشركات الإسرائيلية المدعومة بميزانيات حكومية إسرائيلية ضخمة
أرقام قبل الحرب للسياحة في القدس
وأشار خشرم، إلى أن 450 ألف سائح زاروا مدينة القدس قبل الحرب وجائحة كورونا، خاصة من دول ألمانيا، وإيطاليا، وفرنسا، وبريطانيا، والولايات المتحدة الأميركية، واندونسيا، وبدرجة أقل من الصين وبعض دول أميركا اللاتينية.
ولفت إلى أن استطلاع أجري عام 2019، أكد أن معدل ثمن الرحلة للسائح الواحد تبلغ 1050$ مع إقامة لمدة 7 أيام.
وتابع: هناك 45 مكتبا فلسطينيا للسياحة الوافدة في القدس، صدروا ما قيمته نحو 470 مليون دولار صرفت جميعها في الأراضي الفلسطينية والقدس الشرقية، وجزء صغير داخل أراضي الـ48.
ولفت خشرم، إلى أنه يوجد في القدس 420 موظفا يعملون في قطاع السياحة، وينتج الواحد منهم نحو مليون دولار للاقتصاد بشكل عام/ وحوالي نصف مليون للاقتصاد الفلسطيني.
وجّه خشرم نداء إلى الدول والمنظمات العربية والإسلامية والدولية بضرورة التدخل العاجل لإنقاذ القدس من الانهيار الاقتصادي والاجتماعي، وتوفير دعم مستدام للقطاعات الإنتاجية والسياحية، مؤكداً أن المدينة تعيش وضعًا كارثيًا يهدد نسيجها الاجتماعي ومكانتها الاقتصادية.