الاقتصادي- لم يستطع الشاب رامي الحج من بلدة بيت ريما شمال غرب رام الله أن يحتفل بزفافه كما كان مخططا. في اليوم المقرر للعرس، اقتحم الاحتلال منزله وصادر مركبته ومركبة شقيقه، وحوّل البيت إلى ثكنة عسكرية لساعات.

اضطرّت العائلة لإقامة حفل بسيط أمام المنزل بعد انسحاب الجنود، بدلاً من الصالة التي كانت محجوزة.

قصة رامي تختصر جزءا من المشهد العام؛ عزوف متزايد عن الزواج في الضفة الغربية، ليس فقط بسبب الظروف الأمنية والاقتحامات، بل بفعل الواقع الاقتصادي المتردي.

المواطن وهبي سطوف، المقبل على الزواج، يواجه تكاليف تتجاوز 100 ألف شيكل تشمل الذهب والأثاث وصالة الأفراح.

يقول: "كيف يمكن لشاب في هذه الظروف أن يجمع مثل هذا المبلغ؟ ليس أمامي إلا الديون أو القروض البنكية، التي بات الحصول عليها أصعب منذ الحرب على غزة وأزمة الرواتب".

أما الشاب معاذ حجاج، فقد تجاوز الثلاثين من عمره دون أن يتمكن من الزواج. منذ أكثر من ست سنوات يحاول تأثيث منزله بالتقسيط وبجهد العمل في أكثر من وظيفة.

يوضح: "لا أستطيع التفكير بالزواج حالياً.. التكاليف أكبر من قدرتي، وهذا الأمر مؤجل حتى إشعار آخر".

الأرقام تؤكد التراجع

القصص الفردية تعكسها بيانات رسمية، فقد سجلت المحاكم الشرعية في الضفة الغربية 7773 عقد زواج في النصف الأول من عام 2024، مقارنة بـ 8957 عقدا في الفترة المقابلة من العام 2023، أي بتراجع يقترب من 11%.
ويرتبط هذا التراجع بتداعيات الحرب على غزة، وارتفاع نسب البطالة، وأزمة الرواتب، إضافة إلى القيود الميدانية من اقتحامات وحواجز تحول دون إقامة الأفراح.

الذهب شاهد آخر

الذهب، الذي يعد جزءا أساسيا من طقوس الزواج، يعكس الاتجاه ذاته. ففي عام 2022 جرى دمغ 18 طنا من الذهب في مديرية المعادن الثمينة، بينما لم يتجاوز الرقم 10 أطنان في كل من عامي 2023 و2024.

وفي تموز/يوليو الماضي 2025، بلغ إجمالي الذهب المدموغ نحو 975 كيلوغراما، في تقارب مع الكميات المسجلة في الشهر نفسه من عام 2024. كما بلغت الإيرادات المحصلة أكثر من مليون شيكل، وهو مستوى مماثل تقريبا للعام السابق.

المقارنة بين عقود الزواج وكميات الذهب المدموغ تكشف علاقة طردية واضحة، فكلما ارتفع عدد عقود الزواج، ارتفعت معه كميات الذهب. ففي عام 2022 مثلًا، جرى تسجيل 24,263 عقد زواج في الضفة الغربية، مقابل دمغ 18 طنا من الذهب في العام نفسه.