
الاقتصادي- مع اقتراب الأول من الشهر المقبل، يستعد أكثر من 800 ألف طالب وطالبة في الضفة الغربية للعودة إلى مقاعد الدراسة في نحو 2460 مدرسة حكومية وخاصة وتابعة لوكالة "الأونروا"، يتولى تعليمهم قرابة 51.500 معلم ومعلمة.
لكن هذا الاستعداد يأتي في ظل ظروف استثنائية يمر بها الفلسطينيون، حيث تستمر أزمات الاحتلال والحواجز، وتتفاقم الأزمة الاقتصادية الخانقة، التي أدت إلى صرف رواتب منقوصة لموظفي القطاع العام، ودفعت اتحاد المعلمين إلى إعلان تقليص الدوام إلى ثلاثة أيام فقط في الأسبوع.
وفي الوقت الذي تتسابق فيه المكتبات لتقديم عروض على المستلزمات المدرسية، يؤكد أصحابها أن الإقبال ضعيف جدا وأسوأ من العام الماضي، وينتظرون بفارغ الصبر صرف رواتب الموظفين لتحريك السوق. وفي المقابل، يجد الموظفون أنفسهم في حيرة من أمرهم، غير قادرين على تدبير نفقات أبنائهم في ظل هذه الأوضاع الصعبة.
أصوات من الميدان
استطلع "الاقتصادي" آراء عدد من الآباء حول استعداداتهم للعام الدراسي، حيث أجمع معظمهم على أنهم لا يعلمون كيف سيتدبرون أمورهم. فالمواطن ذيب لولح، أب لستة أبناء منهم أربعة في المدارس، يقول إنه لا يعلم كيف سيوفر حاجياتهم الأساسية في ظل الغلاء وقلة فرص العمل.
أما قاسم اعطير، الذي يدرس ابنيه في مدرسة خاصة، فيواجه أعباء مالية ضخمة تصل إلى آلاف الشواكل، تشمل الرسوم السنوية والزي والكتب والقرطاسية والمصروف اليومي والمواصلات. يتساءل اعطير: "كيف يمكن لموظف أن يوفر هذه المصاريف الكبيرة؟"، مؤكداً أنه مضطر للعمل بوظيفة إضافية لتوفير مصاريف عائلته.
هذه المعاناة لا تقتصر على الآباء الذين لديهم أبناء في المدارس الخاصة، فمحمد أبو عميد، موظف في القطاع العام ولديه طالبان في مدرسة حكومية، يؤكد أنه لم يتمكن حتى اللحظة من شراء أي مستلزمات مدرسية، وينتظر صرف جزء من راتبه، وإن تم ذلك، فستقتصر مشترياته على الحاجيات الأساسية فقط.
الأمر نفسه ينطبق على محمد شاكر من مدينة نابلس، الذي عجز عن توفير رسوم تسجيل ابنته المتفوقة في الثانوية العامة، ولم يتمكن من توفير المستلزمات المدرسية لأبنائه الآخرين. ويشاركهم القلق كل من أحمد ناصر وأحمد امطير وأحمد بوزية، الذين يؤكدون أنهم يؤجلون شراء المستلزمات إلى حين صرف الرواتب، على أمل أن تحدث انفراجة مالية قريبة.
يبدو المواطن مراد أبو قدامة أكثر تشاؤماً، مشيراً إلى أن الديون تراكمت عليه وعلى معظم المواطنين، مما يجعل توفير مستلزمات أبنائهم أمرًا صعبًا جداً، فحتى لو تم صرف الرواتب كاملة، فإنها لن تكفي لتغطية الالتزامات الكبيرة المترتبة عليهم.
تعكس هذه الأصوات تعكس واقعا اقتصاديا مريرا، حيث يجد الآباء أنفسهم في سباق مع الزمن لتأمين احتياجات أبنائهم التعليمية، في ظل أوضاع مالية صعبة، تجعل من بداية العام الدراسي تحديا حقيقيا يضاف إلى سلسلة التحديات اليومية التي يواجهها المواطن الفلسطيني.