تراجع صادرات الحجر يهدد 45 ألف عامل ومصدر دخل أساسي للاقتصاد || إغراق السوق بالمستورد يفاقم أزمة قطاع الحجر في الضفة

الاقتصادي- تواجه صناعة الحجر الفلسطيني أخطر أزماتها منذ سنوات، بعد أن انخفضت صادراتها إلى نحو 25% فقط مما كانت عليه قبل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وسط عراقيل الاحتلال واشتداد المنافسة من الحجر المستورد الذي يغزو السوق المحلي.
ومنذ بدء العدوان على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023،أثقلت عراقيل الاحتلال كاهل الاقتصاد الفلسطيني في ظل وجود 898 حاجزًا وبوابة عسكرية في مختلف محافظات الضفة الغربية، وهو ما انعكس بشكل مباشر على النشاط الإنتاجي ورفع معدلات البطالة.
تشكل صناعة الحجر ما يقارب ثلث مساهمة القطاعات الصناعية في الناتج المحلي، ويعمل فيها نحو 45 ألف عامل بشكل مباشر وغير مباشر. لكن مع توقف العمل الإنشائي داخل أراضي الـ48 –التي تستوعب 85% من صادرات الحجر الفلسطيني– وتكدس البضائع بفعل الحواجز والإغلاقات، فقد القطاع جزءًا كبيرًا من نشاطه.
ويقول شادي شاهين، المدير العام لاتحاد صناعة الحجر والرخام، لـ"الاقتصادي" إن التراجع في الصادرات انسحب على حجم الإنتاج والعمالة، مضيفًا أن مصانع عديدة اضطرت لتقليص ساعات العمل إلى النصف، أو الاستغناء عن جزء من طواقمها.
العام الذي سبق الحرب بلغت عائدات التصدير بين 160 و170 مليون دولار، 85% منها من داخل أراضي الـ48. لكن منذ اندلاع الحرب تراجعت الصادرات بنحو 30%، ما شكل خسارة تقدر بـ 50 مليون دولار، وفق شاهين.
وحذر من أن استمرار الوضع الراهن سيقود إلى موجة نزوح للعمالة وتراجع إضافي في الإيرادات، خاصة مع استمرار الإغلاقات وإغلاق معبر الكرامة لشهرين متتاليين.
في الداخل، يعاني القطاع من منافسة غير عادلة، إذ يشكل الحجر المستورد نحو 70% من السوق المحلي، رغم أن جودته أدنى من الحجر الفلسطيني المعروف عالميًا. ويؤكد شاهين أن الاتحاد يعمل مع الجهات الحكومية والخاصة على ضبط وتنظيم الاستيراد ومنع التجارة غير المشروعة، حمايةً للإنتاج الوطني والعمالة.
معاناة المصانع والعمال
محمد فارس، صاحب منشار حجر في بلدة جماعين جنوب نابلس، يقول إن إنتاجه تراجع إلى أقل من الثلث، بعدما كان 60–70% من إنتاجه يذهب إلى داخل أراضي الـ48. ويوضح أن منشاره يعمل اليوم ثلاثة أيام في الأسبوع ولساعات محدودة، ما أدى إلى تكدس أكثر من 2500 متر من الحجر، وانخفاض دخل العمال الذين يعتمدون على نظام المياومة.
ويضيف فارس أن ارتفاع تكاليف النقل بسبب الحواجز، والأوضاع الاقتصادية الصعبة، دفعت كثيرًا من المواطنين إلى استبدال الحجر بالطوب الأرخص، مما عمّق أزمة هذا القطاع الحيوي الذي لطالما مثّل رافعة أساسية للاقتصاد الفلسطيني.
وأشار فارس إلى أن الحجر المستورد في السوق المحلي يصل إلى نحو 70%، والذي لا يمكن منافسته من ناحية السعر، إذ أن كلفة انتاجه أقل بكثير من الحجر الفلسطيني ذو الجود الأفضل، وبدليل أن معظم البنايات السكنية التي يتم بناؤها تعتمد على الحجر المستورد الذي سعره أرخص من الحجر الفلسطيني.
وتابع: قطاع الحجر يشغل أيدي عاملة وبالتالي يحرك السوق المحلي ويدعم الاقتصاد، بينما المستورد يعود بالربح إلى تاجر واحد.