
خاص الاقتصادي- أبدى موظفون في القطاع العام استهجانهم على خلفية تعليمات سلطة النقد القاضية بالسماح للمصارف بخصم 25% من الدفعة المحوّلة من رواتبهم، معتبرين أنه يزيد من أعبائهم المعيشية والمالية، خاصة في ظل صرف نصف راتب فقط عن شهر حزيران/ يونيو 2025، وبعد أكثر من 40 يوما على آخر دفعة.
الموظف معن كامل يقول لـ"الاقتصادي": خصم أي نسبة من راتب هذا الشهر يعني استمرار الموظف في حالة يُرثى لها، ومزيدا من الديون والالتزامات. حتى من دون خصم، فإن صرف 50% من الراتب لا يكفي مع افتتاح العام الدراسي وتراكم الفواتير.
ويضيف أن الأزمة المالية المستمرة منذ سنوات أرهقت الموظفين الذين لا يعرفون متى ستنتهي أو ما مصير المستحقات المتراكمة منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2021.
أما الموظف يامن حج علي فيوضح أن المقترضين تراكمت عليهم أقساط شهرين (آب وأيلول)، ما يعني فوائد إضافية وإطالة في عمر القروض. ويصف قرار سلطة النقد بأنه "استخفاف بالواقع المذل"، لافتًا إلى أن موظفًا يتقاضى 2000 شيكل لن يحصل فعليًا على أكثر من 1600 شيكل بعد الخصم، وهو مبلغ لا يكفي لتغطية أساسيات المعيشة.
الموظف أحمد اشتيوي يذهب أبعد من ذلك، متسائلا كيف يمكن للموظف أن يعيش بعد ثلاثة أشهر متواصلة من انقطاع الرواتب أو صرفها بشكل منقوص منذ أكثر من خمس سنوات، في ظل أقساط جامعات وديون متراكمة ومسؤوليات أسرية.
الموظفة مريم حوامدة تُقدر أن 70% من الموظفين سيتقاضون نحو ألف شيكل فقط بعد خصم 25% من قيمة القروض، واصفة القرار بأنه "سياسة تجويعية مذلة"، بينما يوضح المتقاعد ذيب بهلول أن راتبه بعد الخصومات والسلف والإيجار والفواتير لن يتبقى منه أكثر من 100 شيكل فقط.
وكانت سلطة النقد قد أكدت ضرورة التزام المصارف بعدم تجاوز خصم 25% من الدفعة المحوّلة في كشوف الرواتب، استنادا إلى قرار وزارة المالية بصرف 50% من راتب حزيران. وقالت إن هذا الإجراء يأتي لضبط عملية تسديد أقساط التسهيلات المصرفية الممنوحة لموظفي القطاع العام.
تدفع الحكومة الفلسطينية رواتب لنحو 245 ألف موظف، بينهم العاملون على رأس عملهم، والمتقاعدون، والمستفيدون تحت بند "أشباه الرواتب". وفي الظروف الطبيعية، تتجاوز فاتورة الأجور الشهرية المليار شيكل. لكن منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، تُصرف الرواتب بشكل منقوص، ما عمّق معاناة الموظفين.
وتعود جذور الأزمة إلى احتجاز الاحتلال الإسرائيلي نحو 10 مليارات شيكل من أموال المقاصة، منها رسوم المعابر المتراكمة للجانب الفلسطيني، إلى جانب اقتطاعات شهرية تصل إلى 500 مليون شيكل، تشمل مخصصات الأسرى وأسر الشهداء وحصة قطاع غزة وفواتير الخدمات.
وضاعفت هذه الإجراءات الضغوط على الموازنة الفلسطينية، وأثقلت كاهل الموظفين الذين يصفون واقعهم اليوم بأنه الأصعب منذ سنوات.