نظام مساعد المدى للسيارات الكهربائية: كيف يعمل؟
11:57 صباحاً 23 تشرين الأول 2025

نظام مساعد المدى للسيارات الكهربائية: كيف يعمل؟

الاقتصادي- مع تزايد انتشار السيارات الكهربائية واعتمادها على نطاق واسع في الأسواق العالمية، بدأت شركات السيارات في إدخال تقنيات ذكية متقدمة تهدف إلى تحسين الأداء، وتوفير الطاقة، وإطالة عمر البطارية.

ومن بين أبرز هذه التقنيات وأكثرها فاعلية نجد نظام "مساعد المدى" أو Range Assistant، الذي أصبح جزءاً أساسياً من منظومات القيادة الحديثة في عدد من العلامات الكبرى مثل فولفو (Volvo) وبولستار (Polestar) وغيرها من الشركات الرائدة في عالم السيارات الكهربائية.

في هذا المقال، سنأخذك في جولة تقنية مشوقة داخل نظام مساعد المدى، لنتعرف معاً على طريقة عمله، أهم فوائده، ولماذا يعتبر من العناصر الأساسية التي تمنح السائق تجربة قيادة أكثر ذكاءً واقتصاداً.

ما هو نظام مساعد المدى في السيارات الكهربائية؟

يمكن وصف مساعد المدى (Range Assistant) بأنه نظام ذكي مدمج في أنظمة السيارة، يعمل على تحليل بيانات القيادة في الوقت الفعلي (Real-Time Data) لمساعدة السائق على تحقيق أقصى مدى ممكن من المسافة قبل الحاجة إلى إعادة شحن البطارية.

بمعنى آخر، هو المساعد الشخصي للسيارة الكهربائية الذي يخبرك كيف تقود بشكل أكثر كفاءة لتستفيد من كل كيلوواط ساعة من طاقة البطارية.

فعندما تبدأ القيادة، يبدأ النظام بمراقبة عدة عوامل أساسية مثل:

السرعة الحالية للسيارة.

أسلوب القيادة والتسارع والكبح.

إعدادات المناخ والتكييف داخل المقصورة.

بناءً على هذه البيانات، يقدم النظام توصيات فورية تساعد السائق على تعديل سلوكه لتقليل استهلاك الطاقة وتحقيق مدى قيادة أطول.

كيف يعمل نظام مساعد المدى؟

آلية عمل هذا النظام متقدمة لكنها سهلة الفهم من منظور السائق.

ففي كل لحظة، يقوم مساعد المدى بتحليل بيانات السيارة مثل معدل استهلاك الطاقة في الدقيقة الماضية، وكمية الكهرباء المسحوبة من البطارية، ثم يعرض هذه المعلومات على شاشة العدادات أو نظام المعلومات والترفيه.

على سبيل المثال، في سيارات فولفو XC40 Recharge Pure Electric، يُظهر النظام عداداً يوضح استهلاك الطاقة بالألوان:

اللون الأزرق يدل على القيادة الاقتصادية وكفاءة الطاقة العالية.

اللون البرتقالي يشير إلى زيادة استهلاك الطاقة، ما يعني أن السائق بحاجة إلى تعديل أسلوب القيادة.

وبذلك يتحول النظام إلى أداة تدريب ذكية تساعد السائق على تبني أسلوب قيادة أكثر هدوءاً وكفاءة.

نظام مساعد المدى للسيارات الكهربائية: كيف يعمل؟

العوامل التي تؤثر على مدى القيادة:

لفهم أهمية مساعد المدى، من الضروري إدراك أن مدى القيادة في السيارات الكهربائية لا يعتمد على سعة البطارية فقط، بل يتأثر بعدة عوامل منها:

السرعة:

كلما زادت سرعة السيارة، زاد استهلاك الطاقة بسبب مقاومة الهواء. لذلك ينصح النظام بالحفاظ على سرعة ثابتة ومعتدلة قدر الإمكان.

أسلوب القيادة:

القيادة الهادئة وتجنب التسارع المفاجئ يساعدان على الحفاظ على طاقة البطارية لفترة أطول.

درجة الحرارة وإعدادات المناخ:

تشغيل المكيف أو التدفئة يستهلك قدراً كبيراً من الطاقة، لذلك يقوم مساعد المدى بتعديل إعدادات المناخ أو تقديم اقتراحات لتقليل الاستهلاك.

الحمولة والطرق:

صعود المرتفعات أو تحميل السيارة بأوزان ثقيلة يؤدي إلى زيادة الضغط على البطارية وبالتالي استهلاك أكبر للطاقة.

مميزات وخصائص نظام مساعد المدى:

ما يميز هذا النظام أنه لا يكتفي بعرض المعلومات، بل يتفاعل مع السائق من خلال مجموعة من الأدوات الذكية التي تشمل:

عرض فوري لاستهلاك الطاقة:

يُظهر النظام مقدار الطاقة التي تُستهلك لحظة بلحظة أثناء القيادة، سواء بالكيلوواط/ساعة لكل 100 كم أو بالكيلوواط عند التوقف.

تقدير المدى المتبقي بدقة:

يحسب النظام المسافة التي يمكن قطعها قبل نفاد الشحن بناءً على نمط القيادة الحالي والعوامل البيئية المحيطة.

اقتراحات لتحسين الأداء:

يعمل النظام على ضبط إعدادات المناخ تلقائياً أو يقترح تعديلات لتقليل استهلاك الطاقة، مثل خفض التدفئة أو تهوية المقاعد.

مؤشرات ذكية للأداء:

من خلال رموز وألوان سهلة الفهم، يستطيع السائق معرفة اللحظة التي يبدأ فيها باستهلاك طاقة أكثر من اللازم.

نظام مساعد المدى للسيارات الكهربائية: كيف يعمل؟

نظام التنبؤ بالمدى المقطوع:

يتميز مساعد المدى أيضاً بقدرته على تقديم توقعات ذكية للمسافة المحتملة التي يمكن للسيارة قطعها في ظروف القيادة المختلفة، حيث يعرض النظام رقمين رئيسيين:

المدى الطويل (Long Range):

يعتمد على القيادة داخل المدن بسرعات منخفضة ومع إيقاف تشغيل نظام التكييف، وهو يعكس أفضل أداء محتمل للبطارية.

المدى القصير (Short Range):

يُحسب في حال القيادة على الطرق السريعة بسرعات عالية ومع تشغيل التكييف أو التدفئة.

هذه البيانات تتيح للسائق التخطيط لرحلته بدقة، سواء كانت داخل المدينة أو بين الإمارات أو حتى في الرحلات الطويلة، مما يقلل من ما يُعرف بـ "قلق المدى" (Range Anxiety) الذي يعاني منه بعض مستخدمي السيارات الكهربائية الجدد.

فوائد نظام مساعد المدى في السيارات الكهربائية:

يُعد هذا النظام من أكثر التقنيات فاعلية في تعزيز تجربة القيادة اليومية، إذ يقدم مجموعة من المزايا التي تنعكس مباشرة على أداء السيارة وراحة السائق:

التقليل من قلق المدى:

يمنح النظام السائق شعوراً بالثقة من خلال عرض مدى البطارية بدقة لحظية وتقديم إرشادات تساعده على القيادة بطمأنينة.

تحسين عادات القيادة:

يساعد النظام السائق على فهم كيفية تأثير كل حركة على استهلاك الطاقة، مما يعزز مهارات القيادة الاقتصادية.

تعزيز كفاءة البطارية:

بفضل الإرشادات الذكية، يمكن للسائقين زيادة كفاءة البطارية وإطالة عمرها الافتراضي.

إدارة استهلاك الطاقة:

يتيح النظام معرفة العوامل التي تستهلك الطاقة أكثر من غيرها، مما يساعد في اتخاذ قرارات ذكية أثناء القيادة.

توفير الطاقة والمال:

كل كيلومتر إضافي تقطعه السيارة بفضل تحسين القيادة يعني تقليل مرات الشحن، وبالتالي توفير في استهلاك الكهرباء والوقت.

نظام مساعد المدى للسيارات الكهربائية: كيف يعمل؟

 

الشركات التي تقدم نظام مساعد المدى:

بدأت العديد من الشركات العالمية في اعتماد هذا النظام ضمن سياراتها الكهربائية، وعلى رأسها:

فولفو (Volvo):

أدمجت النظام في طرازاتها الكهربائية مثل XC40 Recharge وC40 Recharge، مع واجهة مستخدم سهلة تعرض جميع بيانات المدى بشكل تفاعلي.

بولستار (Polestar):

توفر النظام بشكل متكامل في سياراتها مثل Polestar 2، حيث يتميز بواجهة مرئية دقيقة تعرض المدى المتبقي ونصائح القيادة.

ومن المتوقع أن نرى المزيد من الشركات، مثل أودي ومرسيدس EQ وهيونداي Ioniq، تقدم أنظمة مشابهة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحليل سلوك القيادة في المستقبل القريب.

الخلاصة:

يعتبر نظام مساعد المدى (Range Assistant) واحداً من أهم الأنظمة التي ساهمت في جعل السيارات الكهربائية أكثر ذكاءً وكفاءة.

فهو لا يُساعد فقط في زيادة المسافة المقطوعة، بل يُعلّم السائق كيف يستفيد من كل واط من طاقة البطارية، لتصبح القيادة تجربة متوازنة بين الأداء العالي والاقتصاد في الطاقة.

في زمن تتجه فيه صناعة السيارات نحو الاستدامة والاعتماد على الطاقة النظيفة، يأتي مساعد المدى كعنصر جوهري في بناء مستقبل القيادة الكهربائية الآمنة والمريحة.

فهو يجسد رؤية الشركات في تحويل كل رحلة إلى تجربة ذكية تعتمد على البيانات، وتجعل السائق جزءاً من نظام ذكي متكامل يوازن بين الأداء والكفاءة والبيئة.

لذلك، إذا كنت تفكر في اقتناء سيارة كهربائية، تأكد من أنها مزودة بنظام مساعد المدى — لأنه ببساطة العقل الذكي الذي يجعل بطاريتك تدوم أكثر ورحلتك أبعد.

 

Loading...