تسلا تواجه شتاءً قاسياً... تراجع المبيعات ودعاوى قضائية تهز السمعة
11:27 صباحاً 09 تشرين الثاني 2025

تسلا تواجه شتاءً قاسياً... تراجع المبيعات ودعاوى قضائية تهز السمعة

الاقتصادي- تعيش شركة تسلا (Tesla)، بقيادة الملياردير إيلون ماسك، مرحلة صعبة على الصعيدين التجاري والقانوني، بعدما سجّلت انخفاضات حادّة في المبيعات في الأسواق الأوروبية تزامناً مع رفع دعاوى قضائية ضدها تتّهمها بإهمال تصميم سياراتها بما جعلها قاتلة في حوادث اشتعال النيران.

ففي أحدث بياناتها، كشفت رابطة مصنّعي السيارات في السويد أن مبيعات تسلا في البلاد تراجعت بنسبة 89% خلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بعدما لم تتجاوز تسجيل 133 سيارة جديدة فقط، وفق ما نقلته وكالة بلومبيرغ اليوم الاثنين. وفي دول أوروبية أخرى، لم يكن الأداء أفضل حالاً، فقد انخفضت المبيعات إلى النصف في النرويج وهولندا، وإلى نحو الثلث في إسبانيا، في حين سجّلت فرنسا ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 2.4% فقط، بعد عام شهد تراجعاً تاريخياً بلغ 47% في أكتوبر 2024.

هبوط مبيعات تسلا أوروبياً رغم طفرة أميركية مؤقتة

وبينما حققت الشركة أرقاماً قياسية في مبيعات الربع الثالث من العام الجاري في الولايات المتحدة بفضل اندفاع المستهلكين للاستفادة من الإعفاءات الضريبية الأميركية البالغة 7 آلاف و500 دولار قبل انتهائها في 30 سبتمبر/أيلول، فإن الأسواق الأوروبية أظهرت تباطؤاً ملحوظاً على مدار عدة فصول. ويرجع ذلك، بحسب بلومبيرغ، إلى تقدّم عمر طرازات الشركة والجدل السياسي المحيط بماسك بعد مشاركته في إدارة الرئيس دونالد ترامب، إضافة إلى تراجع الثقة بخدمات ما بعد البيع وتزايد المنافسة من شركات آسيوية وأوروبية ناشئة.

وفي ألمانيا، أكبر سوق للسيارات الكهربائية في القارة، ارتفعت تسجيلات المركبات الكهربائية الإجمالية بنسبة 38% خلال الأشهر التسعة الأولى من العام، لكن مبيعات تسلا انخفضت بنسبة 50% خلال الفترة نفسها، وفق بيانات وزارة النقل الألمانية. وبرّرت تسلا ضعف أدائها بداية العام بـ"إعادة تصميم طراز Model Y"، السيارة الأكثر مبيعاً لديها، ما سبّب اضطرابات مؤقتة في خطوط الإنتاج. لكن مرور عدة أشهر على طرح النسخة الجديدة لم يُحسّن نتائج الشركة التي تواصل فقدان حصصها السوقية في ظل صعود المنافسين الأوروبيين.

كارثة ويسكونسن تفتح ملف أبواب تسلا مجدداً

وفي موازاة هذه التحديات التجارية، تواجه الشركة عاصفة قانونية جديدة في الولايات المتحدة. فقد رُفعت دعوى قضائية ضدها في ولاية ويسكونسن تتّهمها بـ"الإهمال القاتل" بعد حادث مروّع وقع في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أسفر عن مقتل خمسة أشخاص داخل سيارة Model S اشتعلت فيها النيران بينما لم يتمكن الركاب من فتح الأبواب والخروج منها، وفق ما أفادت به وكالة بلومبيرغ يوم الجمعة.

والدعوى التي قدّمها أبناء الضحيتين جيفري وميشيل باور أمام محكمة الولاية تشير إلى أن الزوجين نجوَا من الاصطدام الأولي عندما ارتطمت السيارة بشجرة، لكنهما احترقا داخلها بسبب تعطل المقابض الإلكترونية للأبواب. وقال الجيران الذين اتصلوا بالطوارئ إنهم سمعوا "صرخات استغاثة من داخل السيارة المشتعلة"، بينما أشار تقرير مكتب الشريف المحلي إلى "تجمّع الجثث في المقعد الأمامي"، ما يرجّح وجود محاولة يائسة للهروب.

وجاء في نصّ الدعوى أن "اختيارات تسلا التصميمية خلقت خطراً متوقعاً تماماً: أن يظل الركاب الذين نجوا من الحادث محاصرين داخل مركبة مشتعلة". ويقول محامو العائلة إن تسلا كانت على علم بمخاطر تصميم مقابض الأبواب الإلكترونية وبإمكانية اندلاع حرائق ناجمة عن بطارياتها الليثيوم-أيون، لكنها لم تتخذ إجراءات وقائية كافية.

تحقيقات فيدرالية وضغوط على التصميم

وأشار تقرير استقصائي أعدته بلومبيرغ إلى سلسلة حوادث مشابهة شهدت إصابات ووفيات بسبب تعذّر فتح الأبواب بعد انقطاع التيار الكهربائي في سيارات تسلا، خصوصاً عقب الاصطدامات. وفي سبتمبر/أيلول الماضي، أعلنت الإدارة الوطنية لسلامة المرور على الطرق السريعة (NHTSA) فتح تحقيق رسمي في أعطال مقابض الأبواب الخارجية لعدد من طرازات تسلا بعد تسجيل حالات "احتجاز ركاب، بينهم أطفال، داخل السيارات".

واعترف كبير المصممين في الشركة فرانز فون هولزهاوزن، في مقابلة مع بلومبيرغ، بأن تسلا تعمل على إعادة تصميم مقابض الأبواب لجعلها أكثر سهولة في الاستخدام "في حالات الذعر". في المقابل، خلص تحقيق شرطة مقاطعة دان إلى أن السرعة المفرطة وسوء الأحوال الجوية وتعاطي الكحول كانت من العوامل المساهمة في الحادث المميت، ما قد يعقّد المداولات القضائية المقبلة.

وتزامن التراجع التجاري في أوروبا مع تصاعد التحقيقات القضائية في أميركا يرسم صورة قاتمة لمستقبل تسلا في المدى القريب. فالشركة التي كانت حتى وقت قريب رمزاً للتحول الكهربائي في عالم السيارات، باتت تواجه تحديات متشابكة: من تآكل حصتها السوقية في أوروبا إلى تآكل الثقة بسلامة سياراتها على الجانب الآخر من الأطلسي. ويرى محللون في تصريحات نقلتها فاينانشال تايمز أن "نجاح تسلا في العقد الماضي كان نتيجة الابتكار والجرأة، لكن المرحلة المقبلة تتطلب إعادة بناء الثقة قبل التوسع في الأسواق".

 

Loading...