
الاقتصادي- يكشف تحليل بياني قدّمه مدير دائرة الزيتون في وزارة الزراعة الفلسطينية، رامز عبيد، خلال مشاركته في المؤتمر الدولي السادس للزيتون، عن مرحلة غير مسبوقة من التراجع المتواصل الذي يضرب قطاع الزيتون منذ أكثر من عقد.
وبحسب الورقة المقدمة، بلغ متوسط إنتاج الزيت خلال آخر 15 سنة نحو 22,050 طن فقط، ما يعكس انخفاضاً واضحاً في القدرة الإنتاجية التي لطالما تميّزت بها شجرة الزيتون الفلسطينية.
وتظهر بيانات السنوات الإحدى عشرة الأخيرة -التي اطلع عليها الاقتصادي- اتجاهاً أكثر خطورة؛ إذ لم تعرف فلسطين سوى ثلاثة مواسم وفيرة خلال تلك الفترة، بينما جاءت ثمانية مواسم دون المعدل العام، وهو مؤشر صريح على اختلال دورة الإثمار، واختفاء ظاهرة "المعاومة" التقليدية التي كان فيها عام جيد يعقبه عام ضعيف.
أما الآن، فقد أصبحت الدورة ذات طابع سلبي يقوم على موسم واحد جيد قبالة موسمين ضعيفين، ما يؤكد أن الشجرة فقدت جزءاً من توازنها الطبيعي وقدرتها على التعافي.
وتشير النتائج المعروضة إلى أن موسم 2025 سيكون من بين أضعف المواسم تاريخياً، حيث يظهر خط الإنتاج انحداراً حاداً ينتهي بمستوى لا يتجاوز سبعة آلاف طن في أسوأ السيناريوهات، وهو ما يُعد من أدنى الأرقام المسجلة منذ عقود.
ويصف الخبراء هذه المؤشرات بأنها "جرس إنذار" لمستقبل أحد أهم القطاعات الزراعية الفلسطينية.
ويعزو عبيد هذا التراجع إلى مجموعة عوامل متراكمة، يأتي في مقدمتها تدهور إنتاجية وحدة المساحة وضعف كفاءة الشجرة نفسها نتيجة الشيخوخة وقلة العناية.
كما يلعب التغير المناخي دوراً محورياً في هذا الانحدار، وسط تناقص معدلات الأمطار وارتفاع درجات الحرارة وتغيّر نمط الفصول وزيادة انتشار الآفات، وكلها عوامل تضرب دورة الإزهار والعقد وتترك أثراً مباشراً على كمية الزيت المنتجة.
ويظهر في الورقة دور الاعتداءات الإسرائيلية في تسريع التراجع، إذ تتعرض أشجار الزيتون لعمليات اقتلاع وتجريف متكررة، إضافة إلى تقييد وصول المزارعين إلى أراضيهم، ما يضاعف خسائرهم ويضعف قدرة الحقول على الإثمار بشكل طبيعي.
وفي قطاع غزة، تسبّبت الحرب الأخيرة في تدمير آلاف الأشجار وخروج معظم المعاصر عن الخدمة، الأمر الذي أدى إلى خسارة إنتاجية إضافية لا يمكن تعويضها سريعاً.
ولا يتوقف التحدي عند الجوانب المناخية أو السياسية؛ إذ يواجه المنتج الوطني أزمة أخرى تتمثل في تهريب الزيت وغشه، وهو ما يؤثر على ثقة المستهلك ويُربك السوق عبر إدخال زيوت رديئة تُباع بأسعار منخفضة على حساب الزيت الفلسطيني الجيد.
كما يسجّل انخفاض ملحوظ في الاستهلاك المحلي وضعف الوعي العام بالجودة ومعايير اختيار الزيت. ويضاف إلى ذلك خروج عدد كبير من الجهات المانحة من دائرة دعم قطاع الزيتون، ما ترك فراغاً في برامج التأهيل والتطوير.
ويخلص عبيد في ورقته إلى أنه لا يمكن ترك قطاع الزيتون، الذي يُعد أحد أقدم وأهم ركائز الزراعة الفلسطينية، يواجه هذا الانهيار دون تدخل.
ويؤكد أن القطاع بحاجة إلى "وقفة وطنية حقيقية" تعيد ترتيب الأولويات، وتضمن استعادة مكانة الزيتون في قمة الهرم الزراعي الفلسطيني.