السياحة تتعافى تدريجيا في القدس وبيت لحم: مؤشرات إيجابية وحجوزات مبكرة لعام 2026
1:36 مساءً 07 كانون الأول 2025

السياحة تتعافى تدريجيا في القدس وبيت لحم: مؤشرات إيجابية وحجوزات مبكرة لعام 2026

الاقتصادي- تشهد مدينتا القدس وبيت لحم عودة تدريجية للحركة السياحية بعد عامين من التوقف بسبب حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، في مؤشر اقتصادي مهم يعيد تنشيط واحد من أكثر القطاعات حيوية في الأراضي الفلسطينية.

ورغم أن أعداد الزوار ما زالت أقل بكثير من مستويات ما قبل الحرب، إلا أن مشاهد الحركة المتجددة في البلدة القديمة بالقدس ومحيط كنيسة المهد في بيت لحم توحي ببداية تعافٍ بطيء، كما بدأت مكاتب السياحة والفنادق تتلقى حجوزات مبكرة لعام 2026 من أسواق أوروبية وآسيوية، ما يعيد الحيوية تدريجيا لقطاع تكبد خسائر يومية هائلة خلال فترة الركود.

فنادق القدس: تشغيل محدود وتكاليف تشغيل مرتفعة

يقول الخبير السياحي طوني خشرم، إن الحركة السياحية في القدس "تحسنت، لكن ليس بالقدر الذي يسدد الديون والمصاريف"، مؤكدا أن إعادة تشغيل الفنادق والمطاعم والمتاحف مكلفة جدا بعد شهور طويلة من الإغلاق.

ويشير خشرم في حديث خاص لـ"الاقتصادي"، إلى أن معظم فنادق القدس، خاصة تلك الصغيرة ذات 12 إلى 13 غرفة، تعمل اليوم بطاقة تشغيلية محدودة: "فنادق كانت تفتح 50 أو 70 غرفة باتت تشغل طابقا واحدا فقط، لأن تكاليف إعادة التشغيل مرتفعة للغاية."

كما يوضح أن أغلب الوفود التي تصل حاليا كانت قد دفعت مسبقا رحلاتها قبل 7 أكتوبر، وأن بعضها أُجّل دون استرجاع كامل المبالغ، فيما قدمت شركات أخرى تعويضات على شكل رحلات لاحقة دون مقابل.

حجوزات على الورق… لكنها مؤشر عودة

خشرم أكد وجود حجوزات أولية لعام 2026 من ألمانيا وفرنسا وأميركا وبريطانيا وتركيا وماليزيا وإندونيسيا، لكنه شدد على أنها ما تزال "على الورق"، بانتظار استقرار الأوضاع بشكل أكبر، مشيرا إلى أن شركات الطيران بدأت بالفعل بالعودة تدريجيا لتسيير رحلات عبر مطار اللد.

وأوضح، أن شركات التأمين التي كانت ترفض إصدار بوليصات تغطي الزوار خلال الحرب، بدأت اليوم باستعادة نشاطها، ما أسهم في إعادة فتح باب الاستثمارات السياحية والتسويق المسبق للرحلات.

بيت لحم تستعد لموسم الميلاد… وحجوزات أولية تعيد الأمل

وفي بيت لحم، تبدو مؤشرات التعافي أوضح مع قرب موسم عيد الميلاد.

يقول إلياس العرجا، رئيس جمعية الفنادق العربية في بيت لحم، إن المدينة بدأت تتلقى طلبات أسعار وحجوزات منذ وقف الحرب، مضيفا: الوضع ليس ممتازا، لكنه بداية جيدة، فهناك حجوزات تمتد لفترة 23–26 ديسمبر، تشمل زوارا من الداخل الفلسطيني وأجانب".

ويشير العرجا في حديثه لـ"الاقتصادي" إلى أن الأعداد المتوقعة هذا العام أقل من الفترة التي سبقت الحرب، لكنها تبقى مؤشرا إيجابيا مهما على عودة السياحة، لافتا إلى تحسّن بسيط في حركة المواصلات والعمل لدى سائقي التاكسي.

خسائر يومية وصلت إلى 400 ألف دولار

وكشف العرجا أن قطاع الفنادق في بيت لحم كان يخسر نحو 400 ألف دولار يوميا خلال فترة توقف السياحة، وهي مبالغ كانت تتوزع على مئات العاملين والمحلات والمطاعم وشركات النقل والقطاعات المرتبطة بالسياحة.

وأوضح، أن هذه الأموال كانت تضخ يوميا في السوق المحلي. توقفها ألحق ضررا هائلا بكل مكونات المدينة الاقتصادية.

السياحة الدينية… عمود الرحلات الوافدة

ووفق خشرم، فإن برامج الزيارة الحالية ما تزال تعتمد على السياحة الدينية بنوعيها المسيحي والإسلامي، وتشمل ثلاث ليالٍ في القدس ويوما في بيت لحم، إلى جانب زيارات للناصرة والخليل والبحر الميت وأريحا وطبريا.

ولفت إلى أن السياحة الإسلامية تحديدا تشهد اهتماما متزايدا، مع برامج تشمل تأدية الصلوات الخمس في المسجد الأقصى وزيارة المواقع الأثرية في البلدة القديمة.

ومع ذلك، تبقى تكلفة الرحلات مرتفعة وفق خشرم، إذ تتراوح بين 3–4 آلاف دولار للشخص، وهي أسعار تجعل وجهات أخرى مثل تركيا أكثر جاذبية من الناحية المالية، ما يمثّل تحديا إضافيا أمام تعافي السياحة الفلسطينية.

ويرى الخبراء أن عودة السياحة إلى القدس وبيت لحم وإن كانت محدودة حتى الآن، إلا أنها تشكل خطوة أولى نحو إعادة تنشيط الاقتصاد المحلي، خصوصا في ظل الحجوزات المستقبلية وعودة خطوط الطيران وتحسن حركة الزوار.

وبينما ما يزال الطريق طويلا لاستعادة مستويات ما قبل الحرب، تؤكد مؤشرات الحجوزات لعام 2026 وعودة الوفود الدينية أن قطاع السياحة بدأ يتحرك مجددا نحو التعافي التدريجي.

Loading...