الاقتصادي- يشهد سوق العمل الرقمي في غزة حراكاً متزايداً لإعادة إحياء نشاطه بعد عامين من الحرب التي دمّرت البنية التحتية وأخرجت نحو 25 ألف شاب وشابة من دائرة الإنتاج، في حين ارتفعت البطالة إلى أكثر من 80% بحسب تقرير "أونكتاد"، مقارنة بنحو 45% قبل الحرب.

وبحسب تقرير نشرته صحيفة "العربي الجديد"، فقد شكّل العمل عن بُعد أحد أهم الروافد الاقتصادية خلال سنوات الحصار، إذ وفر دخلاً يصل إلى 1100 دولار شهرياً في المتوسط، أي أربعة أضعاف متوسط الأجور المحلية، قبل أن تتسبب الحرب بانهيار كامل لهذا القطاع نتيجة فقدان الكهرباء والإنترنت، وتردد الشركات العالمية في التوظيف.

عودة محفوفة بالعقبات

ورغم الدمار الواسع وانقطاع الخدمات الأساسية، يحاول العديد من الشباب العودة إلى وظائفهم عبر مساحات العمل المشتركة التي توفر كهرباء وإنترنت بشكل محدود، وإن كانت تكلفتها مرتفعة مقارنة بدخل شريحة واسعة من العاملين. ويشير أصحاب تلك المساحات إلى ارتفاع كلفة التشغيل، حيث يصل سعر الكيلوواط إلى 20 شيكلاً، ما يجعل الأسعار اليومية (8–10 دولارات) عبئاً على المستخدمين.

وتتباين تجارب الشباب بين من استطاع استعادة وظيفته ومن لا يزال يحاول. فعدد من العاملين في مجالات البرمجة، التصميم، التسويق الرقمي وكتابة المحتوى، يؤكدون أن تردد الشركات الخارجية في التعاقد مع موظفين من غزة نتيجة مخاوف الانقطاع المفاجئ، يحدّ من فرص العودة للاستقرار المهني، رغم وجود خبرات محلية قادرة على المنافسة.

قطاع رقمي يحتاج إعادة بناء

ويرى الخبير الاقتصادي عماد لبد أن الحرب دمّرت "سوقاً مهماً" كان يساهم في تخفيض البطالة وتحسين الدخل، مشيراً إلى أن التحديات الحالية تشمل ضعف شبكات الكهرباء والإنترنت، وصعوبات تحويل الدخل من الخارج، وغياب الاستثمارات. ويؤكد أن إعادة إحياء العمل الرقمي يتطلب دعماً دولياً واستثمارياً لإصلاح البنية التحتية وتوفير بيئة آمنة للشركات.

ورغم المبادرات الحالية، تبقى عودة سوق العمل الرقمي في غزة مرهونة بمدى استقرار الخدمات الأساسية وقدرة الشباب على تحمّل تكاليف التشغيل، وسط محاولات فردية وجماعية لإحياء مصدر دخل كان يعد من أكثر القطاعات تطوراً ونمواً في القطاع قبل الحرب.