
الاقتصادي – لا يقتصر أثر حادث السيارة على الصدمة الأولى أو الأضرار المادية، بل يمتد إلى مواجهة شاقة مع شركات التأمين التي يُفترض بها تعويض المتضررين. فبين الألم الجسدي، وإصلاح المركبة، وتكاليف العلاج، يجد الضحايا أنفسهم في معركة غير متكافئة مع مؤسسات ضخمة تضع حماية أرباحها في المقدمة. وغالباً ما تلجأ هذه الشركات إلى استراتيجيات مدروسة لتأخير أو رفض المطالبات، أو تقليل قيمتها، ما يجعل الحصول على تعويض عادل مهمة معقدة دون دعم قانوني متخصص.
وتشير مدوّنة Focus2Move المتخصصة إلى أن محامي حوادث السيارات، وخصوصاً في الولايات المتحدة، لا يقتصر دورهم على التمثيل القانوني، بل يشكّلون عامل توازن حقيقي أمام نفوذ شركات التأمين، ويساعدون الضحايا على انتزاع حقوقهم كاملة.
أولاً: تكتيك التأخير
يُعد التأخير من أكثر الأساليب استخداماً، إذ تُطيل شركات التأمين إجراءات معالجة المطالبات أملاً في إنهاك الضحية مالياً ودفعه للقبول بتعويض أقل. وتتخذ هذه السياسة أشكالاً متعددة، مثل طلب المستندات ذاتها مراراً، الادعاء بعدم استلام الأوراق، أو الانقطاع عن التواصل لأسابيع. ومع تراكم الفواتير الطبية وتكاليف الإصلاح، يزداد الضغط المالي على المتضرر.
ويؤكد مختصون أن مواجهة هذا الأسلوب تتطلب توثيق كل اتصال مع شركة التأمين، وتحديد مهل زمنية واضحة للرد، وإرسال المستندات بوسائل موثوقة، مع المتابعة الحثيثة. وفي حال استمر التأخير، يستطيع المحامي التقدم بشكوى رسمية لدى الجهات الرقابية المختصة، ما يضع الشركة تحت ضغط قانوني مباشر.
ثانياً: تكتيك الرفض
في بعض الحالات، ترفض شركات التأمين المطالبة بالكامل، مستندة إلى حجج مثل عدم ارتباط الإصابة بالحادث، أو وجود استثناءات في وثيقة التأمين، أو عدم الالتزام بإجراءات محددة. وغالباً ما تكون هذه المبررات عامة ومبهمة، وتضع الضحية في حالة إحباط.
هنا يتدخل محامي إصابات السيارات بطلب تفسير مكتوب ومفصل لأسباب الرفض، ومراجعة بنود الوثيقة التأمينية، وجمع الأدلة الطبية التي تثبت العلاقة المباشرة بين الحادث والإصابات، ثم تقديم استئناف قانوني ضمن المهل المحددة. وفي كثير من الأحيان، تتهاوى هذه المبررات أمام التدقيق القانوني الدقيق.
ثالثاً: تقليل قيمة التعويض
حتى عندما تعترف الشركة بالمطالبة، فإنها تسعى غالباً إلى تقليص قيمة التعويض عبر التشكيك في شدة الإصابات أو التقليل من الألم والمعاناة. ويُنصح الضحايا في هذه الحالة بتوثيق كل التفاصيل، من تقارير العلاج والوصفات الطبية، إلى تأثير الإصابة على الحياة اليومية، وصولاً إلى الصور الدورية للإصابات خلال مراحل الشفاء.
كما يشدد الخبراء على عدم قبول العرض الأول، إذ تعتمد شركات التأمين على حاجة الضحية السريعة للمال. ويملك المحامي المتخصص القدرة على تقييم القيمة الحقيقية للمطالبة واحتساب التعويض الكامل، بما يشمل الأضرار المادية والمعنوية.
لماذا يزيد توكيل المحامي من قيمة التعويض؟
تُظهر الدراسات أن ضحايا حوادث السير الذين يستعينون بمحامين متخصصين يحصلون على تعويضات تصل إلى نحو 3.5 أضعاف ما يحصل عليه من يتعاملون مع شركات التأمين بمفردهم. ويزداد هذا الفارق عندما تلجأ الشركات إلى أساليب التأخير أو الرفض أو التقليل من القيمة.
كما يبدد المحامي مخاوف كثيرين يعتقدون أن تحمّلهم جزءاً من المسؤولية يمنعهم من التعويض. ففي أنظمة مثل كاليفورنيا، تُطبق قاعدة المسؤولية النسبية، ما يسمح للمتضرر بالحصول على تعويض يتناسب مع نسبة خطأ الطرف الآخر، مع سعي المحامي لتقليص نسبة مسؤولية موكله ورفع قيمة التعويض.
خلاصة
إن التعامل مع شركات التأمين بعد حادث سيارة قد يكون مرهقاً، لكنه ليس مستحيلاً. ففهم تكتيكاتها الثلاثة الأساسية – التأخير، الرفض، وتقليل قيمة التعويض – إلى جانب التوثيق الدقيق والاستعانة بمحامٍ متمرس، يحوّل المواجهة من صراع غير متكافئ إلى تفاوض عادل. وفي المحصلة، فإن الاستعداد المبكر والمعرفة القانونية يشكلان الفارق بين قبول عرض ضعيف وخسارة الحقوق، وبين الحصول على تعويض كامل يعكس حجم الضرر الحقيقي.