الاحتلال يضرب الزراعة البعلية: خسائر فادحة تهدد الأمن الغذائي الفلسطيني
9:01 صباحاً 18 كانون الأول 2025

الاحتلال يضرب الزراعة البعلية: خسائر فادحة تهدد الأمن الغذائي الفلسطيني

الاقتصادي- لم تعد الزراعة البعلية في الضفة الغربية مجرد نشاط موسمي، بل باتت خط دفاع اقتصادي أساسي يتعرض للتآكل بفعل اعتداءات المستوطنين ومصادرة الأراضي.

المزارع شحادة مخامرة من خِربة مغاير العبيد جنوب الضفة، كان يزرع نحو 200 دونم بالقمح والشعير، موفراً احتياجات أسرته من الخبز، و70% من أعلاف أغنامه، قبل أن يفقد هذا المصدر الحيوي للدخل.

في الموسم الماضي، خسر مخامرة أكثر من 3 أطنان من الحبوب بعدما رعاها مستوطنون قبل الحصاد، ما كبّده خسائر مباشرة في التكاليف والمحصول.

ومع تضييق الخناق ومنعه من الوصول إلى أراضي الرعي، اضطر لبيع نصف قطيعه تقريباً، لينخفض عدد الأغنام من نحو 400 إلى أقل من 200 رأس، في انعكاس مباشر لارتفاع كلفة الأعلاف وتراكم الديون.

هذه الخسائر لا تقتصر على حالة فردية، إذ يؤكد مدير منظمة "البيدر" حسن مليحات أن 360 ألف دونم استولى عليها الاحتلال الإسرائيلي حتى منتصف 2025، معظمها في مناطق تعتمد على الزراعة والرعي كمصدر دخل أساسي، لا سيما الأغوار. وأدى ذلك إلى تراجع الوصول إلى المراعي، وتحوّل المزارعين إلى زراعات أقل كلفة وأضعف مردوداً، ما هدد استدامة دخل آلاف العائلات.

من جهته، حذر معتز بشارات، مسؤول ملف الاستيطان في طوباس والأغوار الشمالية في تصريح للجزيرة نت، من أن الحرب الإسرائيلية على الزراعة البعلية هي حرب سيطرة على الأرض، موضحاً أن أكثر من 10 آلاف دونم أُغلقت أو وُضع اليد عليها في الأغوار الشمالية وحدها، مع انتشار 14 بؤرة استيطانية رعوية تسيطر إحداها على نحو 17 ألف دونم. ونتيجة ذلك، انخفضت أعداد الثروة الحيوانية إلى قرابة النصف بسبب إغلاق المراعي وتهجير أصحابها.

اقتصادياً، تعني خسارة الزراعة البعلية فقدان عنصرين أساسيين في السلة الغذائية الفلسطينية: القمح كغذاء رئيسي، والشعير والقش كركيزة لتغذية المواشي. ووفق الجهاز المركزي للإحصاء، بلغت المساحة المزروعة بالمحاصيل الحقلية 217 ألف دونم عام 2021/2020، كان القمح يشكل نحو 46.5% منها، ما يبرز حجم الفجوة التي خلقتها المصادرات.

وتشير معطيات رسمية إلى أن إجراءات الاحتلال منذ أكتوبر 2023 شملت الاستيلاء على 55 ألف دونم، وإقامة مناطق عازلة وبؤر استيطانية جديدة، وتهجير مئات العائلات البدوية، ما يضع الزراعة والرعي—وهما ركيزتان اقتصاديتان للريف الفلسطيني—أمام خطر الانهيار، ويعمّق التبعية الغذائية وارتفاع الكلفة على المستهلك والمزارع معاً.

Loading...