حقيقة ما يُثار حول عودة 10 آلاف عامل فلسطيني إلى إسرائيل
10:35 صباحاً 22 كانون الأول 2025

حقيقة ما يُثار حول عودة 10 آلاف عامل فلسطيني إلى إسرائيل

الاقتصادي – أوضح المستشار القانوني لنقابة العمال العرب داخل أراضي الـ48 وهبي بدرانة، حقيقة ما يُتداول حول عودة نحو 10 آلاف عامل من محافظتي الخليل وبيت لحم للعمل داخل إسرائيل، مشيراً إلى أن الحديث المتداول لا يستند حتى اللحظة إلى قرار رسمي صادر عن المجلس الوزاري السياسي المصغر الإسرائيلي (الكابينت)، لكنه أكد في المقابل وجود نية جدية داخل دوائر إسرائيلية مؤثرة للدفع باتجاه الموافقة على تنفيذ هذا المقترح.

من يملك قرار عودة العمال؟

وأوضح بدرانة في تصريح إذاعي، أن صلاحية اتخاذ القرار محصورة حصرياً بالمجلس الوزاري المصغر، وليس بالمنظومة الأمنية أو أي جهة أخرى، مشدداً على أن الحديث المتداول يأتي حاليا في إطار التوصيات، ولم يتحول بعد إلى قرار سياسي ملزم.

وأضاف: "حتى هذه اللحظة لا يوجد قرار رسمي بعودة العمال، ولا توجد موافقات أمنية فعلية، وكل ما يُتداول هو قيد البحث والنقاش".

توصيات المعهد الأمن القومي الإسرائيلي: العمال الفلسطينيون "رئة" الاقتصاد

وأشار بدرانة إلى أن ما يُثار إعلامياً يعود إلى دراسة أعدّها "معهد الأمن القومي الإسرائيلي"، وهو معهد ذو تأثير كبير على دوائر صنع القرار في إسرائيل، ويضم في صفوفه شخصيات من أجهزة الاحتلال الأمنية المختلفة، ويرتبط أكاديمياً بجامعة تل أبيب.

وخلصت الدراسة إلى أن العمال الفلسطينيين يشكلون "الرئة الاقتصادية" للضفة الغربية، وفي الوقت نفسه عنصراً حيوياً في الاقتصاد الإسرائيلي، لا سيما في قطاعات البناء، والترميمات، والزراعة.

وبحسب الدراسة، فإن غياب العمال الفلسطينيين أدى إلى خلل عميق في سوق العمل الإسرائيلي، وتحديداً في قطاع البناء، مقابل تداعيات اقتصادية خطيرة في الضفة الغربية، حيث كان العمال الفلسطينيون يضخون ما بين 4 إلى 5 مليارات شيكل سنوياً في الاقتصاد الفلسطيني، وهو ما ساهم في تفاقم البطالة، وانكماش الأسواق، وزيادة الضغوط على السلطة الفلسطينية.

فشل بدائل العمالة الأجنبية وضغوط المقاولين

وأكد بدرانة أن التقرير الأمني الإسرائيلي أقرّ بفشل محاولات استبدال العمال الفلسطينيين بعمالة أجنبية، واصفاً التجربة بـ"الفشل الذريع"، مشيراً إلى أن البديل لم يكن عملياً ولا قادراً على سد الفجوة في قطاعات حيوية، وعلى رأسها البناء والترميمات.

وأضاف، أن الضغوط الحالية باتت تأتي من المقاولين الإسرائيليين واتحادات البناء والترميمات، وليس بدافع الحرص على أوضاع العمال الفلسطينيين أو معدلات البطالة المرتفعة في الضفة الغربية، بل نتيجة الأزمة المتفاقمة في السوق الإسرائيلية.

وأوضح أن مئات العائلات الإسرائيلية تقدمت بدعاوى قضائية ضد شركات ومقاولين، بسبب التأخير في تسليم الشقق السكنية التي حصلوا على قروض لشرائها، وهو ما دفع المقاولين للضغط باتجاه إعادة العمال الفلسطينيين باعتبارهم الخيار الوحيد القادر على إعادة عجلة العمل.

برنامج تجريبي من الخليل وبيت لحم

وبيّن بدرانة أن التوصيات المطروحة تتحدث عن برنامج تجريبي لإعادة نحو 10 آلاف عامل فلسطيني من محافظتي الخليل وبيت لحم، على أن يتم اختيار الفئات الأكبر سناً والمتزوجين، وممن كانوا يحملون تصاريح طويلة الأمد قبل الحرب، وذلك ضمن إجراءات "أمنية مشددة".

وأضاف: "اختيار الخليل وبيت لحم يأتي ضمن محاولة لبدء التجربة في مناطق محددة، إلا أن "الملف الأمني" لا يزال يشكل عائقاً، حيث يجري نقاش حول معايير إدخال العمال، ومن يمكن السماح له بالدخول، خصوصاً في حالات وجود أقارب بـملفات أمنية."

القرار سياسي وقد يصطدم بمعارضة داخل الكابينت

وشدد بدرانة، على أن أي خطوة عملية لإعادة العمال الفلسطينيين ستبقى رهينة قرار المجلس الوزاري المصغر، محذراً من أن التوصيات قد تصطدم بمعارضة أطراف يمينية متطرفة داخل الحكومة الإسرائيلية، وعلى رأسها إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، ما قد يؤدي إلى تعطيل القرار أو عدم تنفيذه حتى في حال إقراره.

وأوضح أن الحديث يدور عن عملية تدريجية قد تستغرق أشهراً، وليس عن عودة فورية، مؤكداً في الوقت نفسه أن هناك نية جدية هذه المرة لدفع التجربة إلى الأمام، بدعم من نقابات المشغلين في قطاعات البناء والترميمات.

"لا نزرع أملاً وهمياً"… لكن المؤشرات مختلفة هذه المرة

وختم بدرانة، بالتأكيد على ضرورة التحلي بالحذر وعدم إعطاء وعود غير مضمونة للعمال الفلسطينيين، قائلاً: "نحن لا نزرع أملاً في الهواء، الموضوع لا يزال قيد التداول، لكن هذه المرة تختلف عن سابقاتها، وهناك توصيات جدية من جهات أمنية مرموقة ترى في عودة العمال الفلسطينيين ضرورة اقتصادية وأمنية لإسرائيل قبل أن تكون مصلحة فلسطينية".

وأضاف: "نأمل أنه بعد عامين من الحرب، تنجح تجربة إعادة 10 آلاف عامل، وقد تنسحب لاحقاً على آلاف العمال الآخرين الذين ما زالوا بانتظار العودة إلى أعمالهم".

Loading...