إنتاج الفطر محلياً… محاولة لكسر الاعتماد على السوق الإسرائيلي
9:42 مساءً 29 كانون الأول 2025

إنتاج الفطر محلياً… محاولة لكسر الاعتماد على السوق الإسرائيلي

الاقتصادي – رغم أنه يعمل في مجال المقاولات وبعيد كلياً عن الزراعة كمهنة، قرر الشاب محمد عثمان (26 عاماً) من بلدة بديا غرب سلفيت خوض تجربة مختلفة، والدخول في مشروع زراعة الفطر، مدفوعاً بشغفه القديم بالزراعة منذ أيام المدرسة، وبالفراغ الواضح الذي يعيشه السوق الفلسطيني في هذا القطاع.

يقول عثمان في حديث خاص لـ"الاقتصادي"، إن الفكرة بدأت كهواية واهتمام شخصي، قبل أن تتحول إلى مشروع فعلي قبل نحو عامين، بعد أن وجد شريكاً يشاركه المخاطرة والتجربة.

ويوضح، أن الانطلاقة تزامنت تقريباً مع بداية الحرب، حيث بدأ بجمع المعلومات من مصادر متعددة، شملت أبحاث جامعية، وكورسات متخصصة، ومراجع علمية، إضافة إلى الاستفادة من خبرات أشخاص في الضفة الغربية سبق لهم العمل في هذا المجال.

ويشير إلى أن الدافع الأساسي وراء المشروع هو غياب الإنتاج المحلي للفطر بشكل شبه كامل، مؤكداً أن معظم ما يُعرض في الأسواق الفلسطينية، سواء في محلات الخضار أو المولات الكبرى، هو فطر مستورد من إسرائيل، حتى وإن اختلفت أشكال التغليف أو العلامات التجارية، مضيفا أن الطلب على الفطر في بعض المدن والمناطق مرتفع، مقابل كميات محدودة جداً في السوق، ما شجعه على خوض التجربة وتقديم بديل محلي.

وأوضح عثمان، أن زراعة الفطر الأبيض، وهو الصنف الذي يعمل عليه حالياً، ليست سهلة على المستوى المنزلي أو الصغير، بخلاف أنواع أخرى يمكن زراعتها بأدوات بسيطة مثل الأكياس والقش وتبن القمح. فالفطر الأبيض يحتاج إلى "كمبوست" خاص، وبيئة دقيقة من حيث التعقيم، ودرجات الحرارة، والرطوبة، والتهوية، ما يتطلب تجهيز غرف معزولة، ومكيفات، وأجهزة رطوبة، وشفاطات، بتكلفة قد تتراوح بين 10 إلى 15 ألف شيكل حسب حجم الغرفة، عدا عن تكاليف المواد الخام.

ويبين أن الكمبوست المستخدم حالياً يتم استيراده من الخارج، وتحديداً من هولندا، حيث لا تقل تكلفة الطن الواحد عن 5 آلاف شيكل، إضافة إلى تكاليف الشحن والتجهيزات الفنية. ويقول: إنتاج الكمبوست محلياً ممكن، لكنه يحتاج إلى غرف تعقيم خاصة ومعرفة دقيقة، ونحن نعمل حالياً على استكمال المعلومات والتجارب للوصول إلى هذه المرحلة.

وحول حجم المشروع، يؤكد عثمان أنهم لا يزالون في مرحلة تجريبية أولية، بعيداً عن الإنتاج التجاري الواسع، حيث تم استيراد طن واحد فقط من الكمبوست، يغطي مساحة زراعية لا تتجاوز 10 أمتار مربعة، مشيرا إلى أن الهدف من ذلك كان تقليل المخاطرة واختبار السوق، خاصة أن قدرة السوق على استيعاب كميات كبيرة لا تزال غير واضحة.

ويشرح أن دورة الإنتاج الواحدة تستغرق نحو شهر للزراعة، وشهراً آخر للقطف، وبعد انتهاء الدورة يتم التخلص من الكمبوست بالكامل والبدء من جديد، ويشير إلى أن المشروع حالياً في مرحلة القطف، ولم تُستكمل النتائج النهائية بعد.

ورغم المنافسة الشرسة مع المنتج الإسرائيلي، يؤكد عثمان أن الفطر المحلي الذي ينتجونه يتميز بجودة أعلى وحجم أكبر، مشيراً إلى أن كل من جرب المنتج لاحظ فرقاً واضحاً في الطعم والقوام، حتى بعد الطهي. وأضاف أن الفطر الذي ينتجونه يُصنف كنخب أول، وأن الإقبال عليه يتزايد بعد التجربة الأولى، حيث "من يجرّبه يعود لشرائه دون تردد".

ويقول عثمان إن توزيع الكميات الحالية اقتصر على بلدته بديا ومناطق قريبة منها، إضافة إلى إرسال عينات إلى أسواق في رام الله والخليل، مشيراً إلى أن الطن الواحد بالكاد يغطي هذه المناطق، ما يؤكد الحاجة إلى التوسع في حال نجاح التجربة.

ويختم عثمان حديثه بالتأكيد على أن العمل جارٍ حالياً لإنتاج الكمبوست محلياً، لما لذلك من أثر كبير في تخفيض التكاليف وتحسين الجدوى الاقتصادية للمشروع، سواء من خلال تقليل تكاليف الشحن أو التخلص من أرباح الوسطاء. ويعتبر أن نجاح هذه الخطوة قد يشكل نقلة نوعية لمشروع زراعة الفطر محلياً، ويفتح الباب أمام إنتاج فلسطيني قادر على منافسة المستورد، رغم كل التحديات الاقتصادية القائمة.

Loading...