الإعلامية الكفيفة التي رسمت قدسًا جديدة دون أن تبصرها
12:00 صباحاً 20 كانون الثاني 2016

الإعلامية الكفيفة التي رسمت قدسًا جديدة دون أن تبصرها

الاقتصادي- في مسقط رأسها الناصرة، نادرًا ما تجرأت بدور حسن على الخروج من منزلها وحدها، فالفلسطينية -البالغة من العمر 26 ربيعًا- ولدت كفيفة، وكانت دائمة القلق حيال ضياع طريقها، ولفت انتباه المارّة في الشوارع.

 

صحافية كفيفة

بدور حسن، أصبحت إعلامية تروي ما تراه في مدينة القدس دون أن تبصره بعينيها، بل بقلبها وبصيرتها.

ورغم ظلام عالمها كانت حسن تتوق لمزيد من الاستقلالية، لذا انتقلت عام 2008 للعيش في مدينة القدس لدراسة القانون في الجامعة العبرية.

"كنت مصرّة على أن أكون مختلفة، واستثمرت حالتي الصحية في سبيل تحقيق ذلك، كنت اطمح للوصول إلى شيء جديد لم يمرّ به أي شخص من عائلتي"، تقول حسن؛ مؤكدةً أنها لم تعتقد يومًا أن القدس ستغير حياتها بهذا العظم!

ورغم ضيق شوارع "زهرة المدائن" وأزقتها، والحالة الأمنية والسياسية المتوترة باستمرار، كانت القدس المدينة التي شهدت ولادة الثقة في نفس حسن للتجوّل وحدها في الشارع.

تصف حسن القدس قائلةً: "بينما تمشي في القدس يتملكك شعور يسيطر عليك تمامًا. لعلّ هذا السحر يتعلق بشوارعها ورائحة كل شيء فيها".

في القدس أيضًا اكتشفت حسن شغفها، وهي نقل القصص والأحداث وتدوينها، وبمعنى آخر: الإعلام.

 

كيف بدأت المشوار؟

تروي بدور حسن: "إن القدس لا تمثل المدينة المقدسة فحسب، بل هي أكثر من ذلك. روعتها تستمدها من سكّانها، وهي أكثر تعقيدًا وجمالاً مما نظنه". وأرادت حسن أن توصل هذه الصورة للعالم بطريقتها.

عام 2011 لاحظت حسن أن الأصوات المؤيدة لفلسطين وقضيتها مغيبة في الإعلام العالمي خافتة، لذا قررت أن تباشر الكتابة الصحافية لمدونة "إلكترونيك انتفاضة" المناصرة للفلسطينيين، لكنّ سرعان ما تعقدت الأمور عندما ساءت حالتها الصحية، حيث فقدت حسن ما تبقى من بصرها كما تنبأ الأطباء لها.

رغم ذلك كانت حسن قد وجدت الشجاعة في قدرتها على استكشاف المدينة المقدسة وحدها. تقول: "في القدس يمكنني المشي في أي مكان، والذهاب أينما أريد، وأعتقد أنه إذا كان بإمكاني التجول وحدي في مدينة مثل القدس فلن يكون هناك مكان أعجز عن وصوله والتأقلم عليه".

وهكذا فقدت حسن بصرها بالكامل وكسبت جرأة وشجاعة لم تجدها في مكان آخر.

بصمة في الإعلام العالمي

منذ أن بدأت حسن عملها كصحافية غطّت مواجهات ومظاهرات في القدس والضفة الغربية، وتمكنت من إنها دراستها في القانون.

كما تركت بصمتها في العديد من وسائل الإعلام العالمية، فهي تكتب لمدونتها الخاصة، ومدونات أخرى تعنى بإيصال صورة الواقع والتمرد عليه، مثل: "إلكترونيك انتفاضة"، و"راندوم شلينغ" (مدونة قصف عشوائي)، بالإضافة إلى الكثير من المواقع والقنوات الإخبارية المتحدثة بالإنجليزية والعربية، مثل: عين الشرق الأوسط، وتيلي سور إنجليش، و"حبر" الأردنية، و"الجمهورية" السورية، مستخدمة شاشة بريل موصولة بحاسبها المحمول، والتي تمكنها من قراءة القصص الصحافية وتحريرها ونشرها.

 

"أناضل ليرانا العالم أناس وليس أرقامًا"

حسن التي تصف نفسها كإعلامية وناشطة تؤكد أنها ليست محايدة، وهذا بالفعل ما توصله لوسائل الإعلام الغربية، مبينة أنها فلسطينية وهذا يجعلها جزءًا من الصراع. وتضيف: "الإعلام العالمي يصورنا كأرقام طامسًا أسماءنا وكياننا، لذا أسعى إلى رواية قصص الأسرى والشهداء الفلسطينيين والسوريين بتعقيداتها كافة، لا أريد أن يرانا العالم أننا أساطير وأبطال، بل أناس مثل غيرنا، يتملكنا الضعف أحيانًا كما القوة".

 

الصعوبات ميزتني عن غيري

ورغم أن الناس يتعجبون لقدرة شخص كفيف على تحقيق ما تمكنت منه حسن، إلا أنها تعتقد أن ضعف بصرها تقطع مع قوة من نوع آخر، فتوضح أن عدم قدرتها على الإبصار يمنعها من التقاط الصور مثلاً، إلا أنه يمنحها قدرة على التركيز على التفاصيل المهمة التي لا يلاحظها الصحافيون المعتادون، فهي تستطيع أن تترجم الصوت وطبقاته وتغيراته إلى مشاعر وحقائق على ورق".

وتضيف: "رغم أنني ضيع طريقي أحيانًا بينما أجري مقابلاتي مع الناس، إلا أنني أؤمن أن حتى الأشخاص المبصرون قد يضيعون الطريق أو يشعروا بالرهبة من الأماكن الجديدة".

المصدر: The Huffington Post

ترجمة:وفاء الحج علي

لقراءة القصة من مصدرها الأصلي (بالإنجليزية):

 

http://www.huffingtonpost.com/entry/budour-hassan-blind-journalist-jerusalem_us_568e8296e4b0c8beacf5dcea

Loading...