
تستغل الفنانة العشرينية، إسراء حميد، من مخيم جباليا للاجئين، شمال قطاع غزة، القطع الخشبية والأقمشة غير اللازمة وأزرار القمصان والزجاج، لتحويلها إلى لوحات فنيَّة ذات قيمة، توجِد من خلالها "شيئاً من اللاشيء"، حفاظاً على بيئة قطاع غزة المحاصر.
الفكرة، التي بدأت تراود الفنانة حميد منذ الصِغَر، وأصبحت تطبقها على أرض الواقع من خلال تجميع الأدوات غير الضرورية لعائلتها، وتحويلها إلى مجسَّمات فنّية، تعكس مدى قدرتها على التغلُّب على عقبات توفير الخامات، واستغلال غير المجدي منها.
المزهريات والأواني الزجاجية المزينة بالأزرار، والقطع القماشية التراثية، والأحذية الملونة، والأكواب المزينة بالرسوم هي بعض الأعمال التي أنتجتها، إضافة إلى لوحات تشكيليَّة قامت برسمها بألوان الأكريليك والزيت، ودمج بعض القطع الورقية والأقمشة عليها.
الأوضاع الاقتصاديّة الصعبة، التي يمرُّ بها قطاع غزة المحاصر منذ عشرة أعوام، كانت سبباً رئيسياً لممارسة الفنانة حميد هوايتها الغريبة، حتى تتمكن من توفير بعض الأدوات اللازمة للعمل، وإنتاجها بأسعار تناسب أوضاع المواطنين الذين يعانون من الارتفاع غير المسبوق في معدلات الفقر والبطالة.
وتقول إسراء حميد، (26 عاماً)، إنَّها كانت تطمح لدراسة الديكور وتصميم الأزياء، لكن التخصُّصات الموجودة في غزة خلال فترة دراستها لم تساعدها، فاتَّجهت إلى تخصُّص إدارة الأعمال في جامعة "الأزهر"، إلى جانب تنمية قدراتها في الرسم والأعمال الفنية، والتي بدأت في سنٍّ مبكرة.
وتوضح أن بداياتها في الرسم كانت بسيطة وعادية، عندما كانت تزخرف دفاتر المدرسة، وترسم المشاهير والشخصيّات الكارتونيّة والحيوانات والمشاهد الطبيعيّة، إلى أن انتهت من الدراسة، واتَّجهت إلى احتراف الفن عبر رسم بورتريهات، وصناعة مجسَّمات فنيّة من خلال إعادة تدوير الأدوات غير الضرورية.
وتقول إسراء إنّ عدم وجود فرص عمل ساهم بتشجيعها على المضي في مشروعها الخاص، والذي تسعى إلى التميُّز من خلاله، وفرضه على أرض الواقع، مبيِّنةً أنَّ المنتجات المصنوعة من الأدوات المُعاد تصنيعها وتدويرها، تضاهي في الجودة والجمال والقيمة الفنية باقي المنتجات الجديدة.
ورسمت الفنانة حميد على الكؤوس الزجاجية، الصحون، المرايا، الأحذية المستخدمة، تحضيراً لمعرضها الأول "زركشة" والذي عرضت فيه عدداً من الأعمال الفنية يدوية الصنع، إلى جانب المزهريات التي تميزت بعرضها، والمصنوعة من قناني عصير فارغة، تم تزيينها بخيوط الصوف الملونة. وتتمنى الفنانة حميد أن تسود ثقافة إعادة تدوير المواد لدى ربات البيوت والمواطنين بشكل عام، خاصة في ظل الأوضاع التي يمر بها قطاع غزة.
وتختتم حديثها، مع "العربي الجديد"، بالإشارة إلى أن هذا النوع من الفن يمكنه أن يميز أصحابه، وأن الفنان الحقيقي يحاول إيجاد شيء من لا شيء، مبينة أن قطاع غزة الصغير يحوي العديد من المواهب، ويحتاج إلى تسليط الضوء عليهم، والأخذ بأيديهم وتشجيعهم.
العربي الجديد