هواتف "ذكية"... للأذكياء ؟ هواتف "غبية"... للأغبياء ؟
ABRAJ: 1.99(%)   AHC: 0.88(%)   AIB: 1.52(%)   AIG: 0.19(%)   AMLAK: 5.00(%)   APC: 7.25(%)   APIC: 2.60(%)   AQARIYA: 0.82(%)   ARAB: 0.95(%)   ARKAAN: 1.38(%)   AZIZA: 3.05(%)   BJP: 2.80(%)   BOP: 1.60(%)   BPC: 4.04(%)   GMC: 0.80(%)   GUI: 2.08(%)   ISBK: 1.46(%)   ISH: 1.04( %)   JCC: 2.00(%)   JPH: 3.80(0.00%)   JREI: 0.28(%)   LADAEN: 2.37( %)   MIC: 3.14(%)   NAPCO: 1.04( %)   NCI: 1.68( %)   NIC: 3.32( %)   NSC: 3.31( %)   OOREDOO: 0.81( %)   PADICO: 1.10(0.90%)   PALAQAR: 0.42(%)   PALTEL: 4.80(1.05%)   PEC: 2.84(7.49%)   PIBC: 1.08( %)   PICO: 3.39( %)   PID: 1.90(0.00%)   PIIC: 1.91( %)   PRICO: 0.32( %)   PSE: 3.00(%)   QUDS: 1.34(0.00%)   RSR: 3.60( %)   SAFABANK: 0.60(0.00%)   SANAD: 2.20( %)   TIC: 2.88( %)   TNB: 1.41( %)   TPIC: 2.05( %)   TRUST: 3.04( %)   UCI: 0.48( %)   VOIC: 14.50( %)   WASSEL: 0.93( %)  
12:00 صباحاً 17 شباط 2015

هواتف "ذكية"... للأذكياء ؟ هواتف "غبية"... للأغبياء ؟

م. عارف الحسيني

بقلم: م. عارف الحسيني
صدمني أحد المحاسبين عندما استل هاتفه الذكي بسرعة البرق ليحسب حاصل ضرب تسعة بستة، لم يفكر مرتين بالموضوع ونسي أن معلمي الرياضيات في مدرسته كانوا يقدسون جدول الضرب ويعتبرونه أحد أهم معايير نجاح الطالب بالمرحلة الابتدائية، وأذكر تفاخر نساء العائلة بحفظ أولادهن لجدول الضرب، وكيف لم يسعفهن خيالهن العلمي ليفكروا بيومٍ يأتي ويصبح فلذة كبدهن الطالب الفذ يستخدم الهاتف الذكي في حساب تسعة ضرب ستة!

يتسابق أبناء الجيل الجديد على اقتناء هذه الهواتف وتكاد تكون أهم المفاخر هي شراء آخر اصدار من اي هاتف مشهور، وشاهدنا كيف اصطف الآلاف أمام المتاجر ليكونوا أول من يشتري أحدث الصرخات في عالم المحمول الذكي، مع أن الفروقات بين الاصدار الأخير وذاك الذي سبقه طفيفة جدا ولا يتمكن المستخدم المتوسط في بلادنا الفقيرة أن يلحظ جوهرها، وتصدمني ايضا نتائج المقارنة بين مستوى الأجهزة التي تباع محليا وبين عدد ونوعية التطبيقات التي يتم تحميلها على تلك الهواتف ويتم استخدامها بوتيرة يومية. وضمن بحث عام قمت بإجرائه لأكتب هذا المقال سألت 43 شخصا مختلفا ومن خلفيات وأعمار ومستوى تعليمي متنوع، منهم من أنهى الصف السادس الابتدائي فقط، وآخر يحمل شهادة الدكتوراة، جميعهم يتجولون إما مع جهاز الآي فون بإصداره الأخير أو بأسوأ الأحوال قبل الأخير والبعض الآخر يتمتع بأجهزة الجلاكسي المتقدمة، طلبت هواتفهم لمعاينتها للحظات وبعدها سألت بعض الأسئلة، كانت التطبيقات المحملة على جميع الأجهزة متشابهة جدا وتنحصر بتطبيقات التواصل الاجتماعي (الفيسبوك والتويتر واليوتيوب وغيرها) وبعض التطبيقات المتعلقة بالتذكير بأوقات الصلاة او مواعيد المسلسلات التلفزيونية وعدة ألعاب شهيرة مربوطة هي ايضا بالفيسبوك.

سألتهم جميعا عن الفرق بين الهاتف الذكي الذي يحملونه والهاتف القديم الغبي الذي استخدموه قبل سنوات قليلة ماضية؟ وكانت الإجابات مضحكة ومبكية بنفس الوقت؟ "يوجد به آلة حاسبة، ألعاب وفيسبوك" أو إجابة أخرى: " شاشته كبيرة وملونة وتعمل باللمس!"

اما حين سألت لماذا اسمه هاتف ذكي؟ هل الأجهزة القديمة غبية مثلا ؟ وهل كانت تفي بالغرض؟  لم أجد اجابة!

وعندما سألنا الويكيبيديا ومواقع الشركات الكبرى التي تصنع هذه الأجهزة اتضح أن الهاتف الذكي هو الذي يجمع بين الهاتف الخليوي المحمول وجهاز جيب صغير وقديم نسبيا كان يسمى"السكرتيرة الالكترونية أو PDA" والذي كان يستخدم لاستقبال وارسال الرسائل الالكترونية وتحديد المواعيد وملائمتها مع المواعيد على برامج جهاز الحاسوب المكتبي، وأيضا لأنه يمكنّنا من قراءة الملفات الالكترونية وأعدادها بينما نحن بعيدون عن جهاز الحاسوب المكتبي او المحمول، كما أن الهاتف الذكي يحل محل جهاز الـ GPS عند الحاجة وذلك لاتصاله الدائم بالانترنت عبر الشبكات الخليوية المزودة بخدمة الـ 3G  أو الـ 4G.وأنه مرتبط بدكان التطبيقات التي تساعدك على تنفيذ ما تريد اينما تريد، تراقب حالة رحلة الطائرة التي حجزتها وتدفع فواتيرك وغيرها آلاف الخدمات.

الغريب بالأمر أن معظم استخداماتنا للهواتف الذكية في فلسطين لا تتعلق بأسباب تسميتها حسب تعريف من صنعها بالذكاء، ومع حجب الاحتلال لخدمة الـ 3G عن الشبكات الخليوية الفلسطينية لم تعد امكانية لاستخدام الهاتف الذكي الا بالأماكن التي يتواجد فيها الانترنت عبر تقنية الـ WiFi وهكذا يمكن ان يحل اي جهاز حاسوب مكان الهاتف المحمول ولكن مع فارق حجم الشاشة وخاصية اللمس! أضف إلى ذلك أن تطوير التطبيقات الخدماتية في فلسطين محدود جدا ولم نشهد حتى اليوم تفعيل حقيقي واستخدام الخدمات الإلكترونية عبر المواقع الإلكترونية العادية التابعة لمزودي الخدمات والشركات الخاصة والدوائر الحكومية.

فهل نستخدم نحن الفلسطينيين الهواتف الذكية كأنها غبية؟

فأين الذكاء إن رافقني الفيسبوك أينما ذهبت؟
وأين الذكاء إن استقبلت الرسائل الالكترونية فقط حين أكون بالمنزل أو بالعمل أو بأي مكان آخر مربوط أصلا بالانترنت؟

وأين ، وأين....؟

ربما كان يمكن أن نوفر على أنفسنا أموال طائلة إن اعترفنا بالحقيقة، وربما كنا استثمرنا هذه الأموال في تطوير حلول تصل بنا يوما ما إلى استخدام الهواتف الذكية بذكاء!

تجولت في الولايات المتحدة الامريكية لفترة قصيرة كانت كافية لأحمّل على هاتفي الذكي تطبيق استدعاء التاكسي ودفع الحساب الكترونيا أينما كنت، وتطبيق حجز تذاكر للسينما والمسرح، واستخدمت الـ GPS لأصل إلى العناوين التي اقصدها بسهولة فائقة، وكنت محظوظا كفاية لأترجم عبره ما أقوله بالانجليزية للاسبانية حتى اتواصل مع بعض الأسبان الذين يبيعون الفجل في أسواق مهمشة.

فهل علينا أن نتطور تدريجيا ونبني قدراتنا ونطور تطبيقات نحتاجها وبعدها نمتلك الأجهزة فائقة الذكاء وفائقة التكلفة أيضاً؟

جوابي المتواضع والطموح هو بالتأكيد نعم؟ فما فائدة ذكاء الجهاز وتواضع استخدامه؟ وما الفحوى من استخدام هذا الذكاء في ايجاد حاصل ضرب تسعة في ستة!

* مؤسس ورئيس مجلس ادارة مؤسسة النيزك للابداع العلمي 

Loading...