الأجهزة الالكترونية الحديثة .. للأثرياء فقط!
12:00 صباحاً 27 أيار 2015

الأجهزة الالكترونية الحديثة .. للأثرياء فقط!

 رام الله – الاقتصادي- يسير الشاب محمد وسط رام الله متباهيا بهاتفه الخليوي الذكي من نوع "أي فون5"، في محاولة للتأكيد على أنه مواكب للتكنولوجيا بين أصدقائه، ويقول إنه دائما يلاحق التكنولوجيا ويسعى لامتلاك أحدثها بغض النظر عن تكلفتها.

محمد يقول إنه ينفق شهريا قرابة 500 مئة دولار لاستبدال الهواتف الخليوية والمعدات التكنولوجيا التي يستخدمها بشكل يومي في حياته وعمله، وهي تساعده على عمله وهو سعيد بذلك.

في المقابل لا يتوفر لكثير من الشبان الفلسطينيين القدرة المادية لمواكبة التكنولوجيا كل حول هذه التكنولوجيا إلى علامة فارقة بين الشبان الفقراء والأغنياء، ما يدفع بعض الشبان للاستدانة من أجل شراء جهاز حاسوب حديث أو هاتف محمول ذكي.

ويقول علي عمايرة، إنه قام بالاستدانة من أحد أصدقائه من أجل شراء جهاز محمول ذكي، على اعتبار أن الجهاز الجديد يمكن أن يجذب أصدقاء له أو يمكن أن يسهم في زيادة ثقته بنفسه.

إلى ذلك، يؤكد الشاب معتز مصطفى، إنه لا يسعى لامتلاك الأجهزة الحديثة لحظة طرحها في الأسواق، بل إنه يقوم بشرائها بعد أشهر من طرحها في الأسواق، بانتظار انخفاض أسعارها التي تبدأ مرتفعه ثم تصبح مقبولة أو منخفضة بعد عدة أشهر.

من جانبه، قال د. خالد رباعية المحاضر في الجامعة الأميركية، إن التكنولوجيا أصبحت علامة فارقة إلى حد ما، فالتكنولوجيا تتطور بشكل متسارع والسبب الرئيس لتطورها بشكل سريع هو الربح الكبير الذي تحققه الشركات من خلال سعيها للسيطرة على سوق التكنولوجيا.

وأضاف"كل يوم يوجد جديد في عالم التكنولوجيا، والمواطنون يلاحقون التكنولوجيا من باب مواكبة الموضة"، لافتا إلى نظرية  تسمى "الموضة"، فالموضة تخلق دافعا كبيرا داخل النفس البشرية والشركات الكبيرة تلعب بشكل ذكي على هذا الوتر.

وبين أن الشركات تقوم بالترويج لمنتجاتها بشكل كبير لخلق حاجة لدى المشتركين، لذلك نسمع قصصا غريبة مثل قيام أحد أمراء الخليج بشراء أول هاتف بـ 200 ألف دولار، ومواكبة الموضة ليس لتحقيق الفائدة المرجوة من الجهاز بل من أجل ترسيخ الصورة المجتمعية للفرد. واستغرب استخدام الأجهزة الحديثة في مناسبات اجتماعية أفراحا وأحزانا كنوع من التباهي، منوها إلى أن التباهي بالأجهزة موجود بشكل كبير بين طلبة الجامعة. وقال" المسألة صورة  اجتماعية يسعى للوصول إليها الباحث عن التكنولوجيا".

ورأى ربايعة أن الشركات تخلق الطلب وتلبيه في الوقت نفسه والجمهور يسعى للوصول للتكنولوجيا، وهذا كله يخلق فجوة بين أفراد المجتمع، ومن يركض وراء التكنولوجيا يعرف أنها لن تنتهي، مشيرا إلى أن الناس في أوروبا غير مشغولين أو منهمكين بالتكنولوجيا مثل ما هو موجود في بلادنا والمسألة لها علاقة بالشعور بالنقص الذي نسعى لتعبئته. وأضاف" التكنولوجيا يجب أن تكون مساعدا، ولكن ليس محور حياتنا، فشبابنا ضحية لشركات التكنولوجيا والإعلام الذي يروج لما تريده تلك الشركات.

في السياق ذاته، رأى د. إياد طومار أستاذ هندسة الحاسوب في جامعة بيرزيت، أنه إلى حد ما أصبحت التكنولوجيا علامة فارقة رغم أن هذا الوضع غير صحيح، فتطبيق التكنولوجيا أصبح جزءا من كل بيت، ولكن الفقراء لا يستطيعون الوصول للانترنت لأنها مرتفعة مقارنة بالدول الأخرى، وفي الحديث عن الأجهزة الذكية الفقراء محرومون منها بسبب أسعارها المرتفعة بشكل عام، والفجوة المادية بين الأغنياء والفقراء تسبب نوعا من التفرقة في مجال التكنولوجيا فهي متاحة للأغنياء وغير متاحة للفقراء.

ولفت إلى أن المشكلة في هذا الموضوع هي الثقافة المغلوطة ومفادها أن من يحمل جهازا حديثا يمكن أن يشتريه ووضعه المادي جيد، ومن لا يملك جهازا حديثا هو فقير، وهذا يخلق شعورا غير صحي من التفرقة بين الطلبة وبين أبناء المجتمع بشكل عام. وأضاف" إذا قارنا ذلك بالدول الأخرى فهو غير موجود، فالأوروبيون مثلا لا يفضلون استخدام الهاتف النقال لأنهم يؤمنون أن الإيميل يكفي للنقل، ويشعرون أن الهاتف النقال يحد من خصوصيتهم، بينما في مجتمعاتنا لا نستطيع أن نعيش دون موبايل مثلا ونعتبره يسهل معيشتنا".

وقال إن ما يجري هو نوع من الاستعراض بين المواطنين الذين يعرضون الهواتف التي يحملونها، والحل يكون بمعالجة الثقافة الموجودة لدى شعبنا، مطالبا الكتاب والصحفيين الحديث عن هذه المواضيع بإسهاب لتوعية الناس.

ودعا الشركات المزودة للتكنولوجيا ووزارة الاتصالات التفكير  مليا بتوفير الانترنت لكل الأسر وبأقل الأثمان المالية، بشكل يسهم في التخفيض من شراء الهواتف المحمولة ويزيد الاعتماد على الانترنت في مجتمعنا، وهذا موجود في العالم، فأوروبا مثلا الحضانات والمدارس متاحة للجميع بغض النظر عن الغني أو الفقير ولا يوجد أي تمييز.

Loading...