رام الله- الاقتصادي- للحرف اليدوية التقليدية الفلسطينية مكانة مهمة بين الصناعات الأخرى، فهي حرف ذات مردود ثقافي واقتصادي متوارث، يعكس ثقافة وتاريخ الشعب الفلسطيني، ويمثل ثروة له.
هذه الثروة تمثل عامل جذب للسياح والحجاج خصوصا من أوروبا. وكانت الحرف اليدوية التقليدية دائما جزءا من قطاع السياحة.
وقد اجرت غرفة تجارة بيت لحم دراسة حول هذه الحرف اليديوية والمشاكل التي تعاني منها وكيفية تطوير ودعم هذه الحرف.
الدراسة معدة باللغة الانجليزية، اشارت فيها الباحثة فيروز خوري الى دور العامل السياسي في التأثير على عدد السياح القادمين للمنطقة، وبالتالي التأثير على مبيعات الحرف اليدوية، فكلما كان هناك عوامل سياسية منفرة للسياح، قلت المبيعات لهذه الحرف.
ومن قلب الدراسة سنستوحي المشاكل والمعيقات التي تتعلق بالحرف اليدوية، مع التركيز على حرفة الصناعة اليدوية من خشب الزيتون كنموذج للحرف اليدوية الشهيرة في بيت لحم.
احصائيات حول الحرف اليدوية
انواع الحرف اليدوية في الضفة وغزة حسب الدراسة هي ما يقارب الثمانية عشر نوعا، وأهمها والتطريز والسيراميك / الفخار والزجاج وخشب الزيتون، والصدف (USAID، 2006).
اما الموطن الاصلي لهذه الحرف اليدوية المتركزة على استخدام خشب الزيتون والصدف فهو بيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور.
وأظهرت إحصاءات عام 2008 أن الصناعة من خشب الزيتون تشكل 36 ٪ من جميع منتجات الحرف اليدوية، والصدف 10 ٪ والحجر و الفسيفساء 15 ٪، والتطريز16 ٪ والسيراميك و الأواني الزجاجية بنسبة 12٪، والمطلية بالفضة، والشموع، والسجاد والخيزران والحرف اليدوية الخفيفة الأخرى تشكل حصة 11 ٪ من إنتاج القطاعات.

اما الاحصاءات لعام 2013 تعكس نسب مختلفة قليلا. خشب الزيتون يشكل 35 ٪ من جميع المنتجات والحرف اليدوية، و Mother of pearl أقل من 4٪ والحجر و الفسيفساء 22 ٪، التطريز 17٪، والسيراميك و الأواني الزجاجية 12 ٪، ومطلية بالفضة، والشموع، والسجاد والخيزران والحرف اليدوية الخفيفة الأخرى مع حصة 10 ٪ من إنتاج القطاعات.
ومن الجدير بالملاحظة أن إنتاج المصنوعات من خشب الزيتون قد انخفض قليلا بالمقارنة مع الإحصاءات الأخيرة من عام 2008. كما تراجع إنتاج الصدف. في حين زاد انتاج الحجر والفسيفساء بشكل ملحوظ من الحرف اليدوية. ومن ناحية أخرى، كانت هناك زيادة طفيفة في إنتاج التطريز.
ويقع 19 ٪ من المنتجين في قطاع غزة، والباقي 81 ٪ هي تتركز في مناطق بيت لحم والخليل مع نسبة ضئيلة جدا في أريحا.
ومن الصعب إعطاء إحصاءات دقيقة على تصدير العديد من الحرف اليدوية من تلك ويتم تصدير المنتجات بشكل غير رسمي وبكميات صغيرة.
وقد قدرت صادرات الصناعات اليدوية إلى الدول الأوروبية بحوالي 3 ٪ من المبلغ الإجمالي للصادرات. والحرف اليدوية تشكل الصادرات منها حوالي 6 ٪ من الأرقام الرسمية التي أشارت لإجمالي الصادرات.
عدد المصانع خشب الزيتون الرسمي وغير الرسمي القائمة آخذة في التقلص، وقد انخفض ذلك خلال عام 2008 عندما صدر الإصدار الأول من هذا البحث.
كما لاحظت، وفقا للأرقام التي قدمتها TTIAP، حوالي 26٪ من تتركز ورش العمل المذكور في بيت لحم، و 22٪ في بيت جالا، و 41٪ في بيت ساحور.
الجدير بالذكر أن 23.5٪ فقط من تلك الحلقات تم تسجيلها رسميا في عضوية بنك الاعتماد والتجارة في العام 2013.
الورش مملوكة فرديا ما اضعف قدرتها التنافسية
الدراسة فان معظم ورش الحرف اليديوية الصغيرة من صناعات خشب الزيتون غير المنتظمة منتشرة بشكل عشوائي في منطقة بيت لحم. هذه الورش مملوكة فرديا، وتدار من قبل أفراد الأسرة. وكان هذا عاملا رئيسيا في إضعاف القدرة التنافسية من حلقات العمل تلك.
معظم تلك الورش غير قادرة على النمو واللحاق بركب التكنولوجيا، كما ان رأس المال المستثمر في تلك الورش هو جدا محدودة، فنحو 45٪ من تلك الورش بدأت بأقصى مبلغ وقدره 1000 دولار.
بعض ورش العمل الصغيرة هذه زادت رأسمالها المستثمر ولكن بطريقة تقليدية، كانت استثماراتهم بدائية وكانت تقتصر على الحصول على الأسهم والمواد الخام الأخرى، ولم تشمل المعدات المتطورة.
ويجدر الاشارة الى أن بعض المؤسسات مثل مركز الساليزيان الفني ومؤسسة يوحنا بولس الثاني التي قدمت في السنوات القليلة الماضية دورات تدريبية لتحسين جودة منتجات خشب الزيتون.
مشاكل تواجه الصناعات الحرفية
تواجه الصناعات والحرف اليدوية في منطقة بيت لحم نفس القيود التي تعوق القطاع الصناعي في فلسطين. العوائق الرئيسية التي تواجه الحرف اليدوية من خشب الزيتون وتشمل المسائل الإجراءات الإسرائيلية من مصادرة الأراضي الفلسطينية وتدمير أشجار الزيتون.
كما ان هناك عدد محدود من السياح الذين يصلون إلى المناطق السياحية الفلسطينية، بسبب الدعاية الاسرائيلية بانعدام الأمن في المناطق الفلسطينية.
اضافة الى القيود المفروضة على استيراد الآلات المتقدمة والمواد الخام، وتقييد الحركة بما في ذلك نقاط التفتيش، والجدار العازل ونقاط التفتيش الطيارة، الخ.
وهناك ايضا المضايقات اليومية والهجمات بما في ذلك هدم المنازل، والاعتقالات، الخ، وكذلك الحد من تصاريح تجارية، والقيود المفروضة على استيراد المواد الخام. وزيادة الوقت والتكلفة وإضافة المزيد من الجهد. وكذلك مراقبة تصدير واستيراد السلع من خلال السيطرة الكاملة على المطار والجسر. اضافة الى عدد التصاريح التجارية المقيدة. وعدم وجود التزام من الإسرائيليين بالاتفاقيات الاقتصادية والتجارية مع الفلسطينيين.
مشاكل متعلقة بالتسوق
وبشأن القضايا المتعلقة بالإنتاج و التسويق فهناك مشاكل تمويل تعاني منها المصانع الفلسطينية، كثير من المصانع ما تزال تعتمد على أدوات بدائية في الانتاج، لمحدودية فرص الحصول على الموارد المالية للتطوير، مثل ائتمانات التنمية والقروض الصغيرة نظرا لزيادة أسعار الفائدة وشروط ضمانات معقدة.
كما ان هناك منافسة دولية وخاصة من المنتجات الصينية والإسرائيلية، اضافة الى ان فرص التسويق محدودة، وهناك ضعف في استراتيجيات التسويق والتقنيات المستخدمة لهذا الهدف.
عدا عن ان التسويق من خلال المواقع، وسائل الاعلام الاجتماعية، والكتيبات والأقراص المدمجة وغيرها من أدوات التسويق لا تزال بدائية.
من ناحية أخرى، هناك العديد من التحديات التي تواجه التسويق عبر الإنترنت في فلسطين، فالبنوك الدولية لا تحول الأموال إلى فلسطين، وهذا يحد من قدرات بعض المؤسسات والشركات على تسويق المنتجات والحرف اليدوية الخاصة بهم من خلال مواقع الانترنت.
اضافة الى قلة الوعي فيما يتعلق بحماية حقوق التأليف والنشر للتصاميم، والمستوى العالي من المنافسة بين الحرفيين وخاصة من غير المنتجين غير الرسميين الذين ليس لديهم التزامات مالية فرضت نفسها من الشركات الرسمية.
كما أن أسعار الاصناف المنتجة محليا مرتفعة نسبيا، وتكاليف صناعة المنتجات من خشب الزيتون مرتفعة، فيضطر البعض لاستخدام الخشب الاقل جودة، وهذا يؤثر على جودة منتوجاتهم، وبالتالي يقبل السياح على شراء المستورد الاقل تكلفة.
عدا عن أن المحلات التجارية لا تدفع للمنتجين على الفور، بل حسب البيع، وبالتالي تتراكم الديون على المنتجين، ما يؤدي للمشاكل المالية التي تؤثر على شراء المواد الخام والإنتاج.
تقصير متعلق بالقطاع العام
ومن حيث القضايا المتصلة بالقطاع العام، فهناك عدم كفاية بالدعم المقدم من الحكومة والوزارات المعنية؛ أي ان الضرائب مرتفعة، ولا يوجد حوافز. وهناك غياب دور مؤسسة المواصفات والمقاييس الفلسطينية في وضع المعايير والمواصفات لقطاع الحرف اليدوية.
كما ان الإجراءات والجهود محدودة من قبل وزارة السياحة والآثار والثقافة لتعزيز و حماية الإنتاج من الحرف اليدوية.
وهناك عدم قدرة بعض صغار المنتجين لمواكبة متطلبات قانون العمل الفلسطيني.
مع الاشارة الى أن هناك قضايا تتعلق بعدم الاستقرار السياسي التي تؤثر على عدد السياح القادمين إلى الأراضي المقدسة. وهجرة الحرفيين نظرا لمحدودية فرص العمل، وعدم وجود هيئة تنسيق نشطة تعمل على تعزيز و تنظيم القطاع. وانخفاض المستوى التعليمي والخوف ومقاومة التغيير من قبل غالبية الحرفيين و أصحاب الورش. وعدم كفاءة العديد من مشروعات الجهات المانحة لدعم هذا القطاع.
وتعاني صناعة الـ Mother of pearl من المنافسة الدولية، وغيرها من المعيقات.
عكسيا، التطريز الفلسطيني له تحدياته الخاصة. وهناك عدد قليل جدا من نقاط البيع مسجلة رسميا، معظمها يتم تسجيل نقاط البيع عن المنظمات غير الحكومية والمؤسسات والنقابات. وأهم تحدي يواجه هذا القطاع هو التسويق. السكان المحليين عادة لا يشترون منتجات التطريز بسبب أنها مكلفة نسبيا.
وهناك كمية محدودة من منتجات التطريز تباع من خلال محلات بيع التذكارات، على شبكة الإنترنت، أو في المعارض الوطنية و / أو الدولية.
التوصيات العامة للباحثة
اوصت الدراسة الوزارات المعنية مثل وزارة الاقتصاد الوطني، ووزارة الثقافة، ووزارة السياحة والآثار، و مؤسسة المواصفات والمقاييس الفلسطينية بأن يكون دورها أكثر حيوية في تحسين هذا القطاع وحل قضاياه، وينبغي أن تحدد استراتيجية واضحة وأهداف وغايات لتطوير هذا البحث في صناعات الحرف اليدوية في محافظة بيت لحم.
كما اوصت بتقديم الدعم من حيث القروض الصغيرة لتطوير هذا القطاع. ووضع دراسات التنمية لوحدات إنتاج الحرف اليدوية وورش العمل التي من شأنها المساعدة في إدخال خطوط إنتاج جديدة، والحد من تكاليف الإنتاج الثابتة، والمنافسة إقليميا و دوليا. بالإضافة إلى الدراسات الثاقبة التي تمكن المانحين من وضع برامج مفيدة لتعزيز وتطوير قطاع الحرف اليدوية.
ودعت لتوجيه وارشاد أصحاب العمل والعمال في الجوانب المهنية والقانونية، وكذلك إدخال الموضوعات المتعلقة بالحرف اليدوية التقليدية في المدارس والمناهج التعليمية.
ودعت ايضا لزيادة مستوى برامج الحرف اليدوية في مدارس التدريب المهني. اضافة الى تشجيع التعاون مع المهنيين المؤهلين في الحرف اليدوية في الميدان، سواء من داخل فلسطين وخارجها.
وأشارت الباحثة الى الحاجة لتطوير صناعة الحرف اليدوية من خلال سلسلة من الدورات التدريبية المتخصصة مع توفير الدعم المالي. وقد اوصت الدراسة ايضا بضرورة البدء في وضع خطة عمل لمدة 5 سنوات لتحقيق التنمية المستدامة الأمر الذي سيكون له آثار إيجابية على الصناعة ككل.