تصدّر خطة التقشف وقف التعيينات الجديدة لعام 2024 وقف استخدام المركبات الحكومية من قبل الموظفين في الدوائر الحكومية فاتورة الأجور الشهرية تتجاوز 90 بالمئة من مجمل الإيرادات المالية.
الاقتصادي - الأناضول - أعلنت الحكومة الفلسطينية الجديدة برئاسة محمد مصطفى، كسابقاتها، تفعيل خطة تقشف لمواجهة الأزمة المالية، بسبب اقتطاعات إسرائيل من أموال الضرائب، وتدهور المنح الخارجية.
تصدّرت خطة التقشف، وقف التعيينات الجديدة لعام 2024، باستثناء قطاع التعليم، واعتماد مبدأ التدوير الوظيفي بين الوزارات لتلبية الحاجة إلى موظفين من خلال جلب موظفين من وزارات أخرى.
ومن بين خطط التقشف، مراجعة شاملة للنفقات المرتبطة بقطاع الأمن الذي تتجاوز فاتورته السنوية قرابة مليار دولار، تشكل نحو 18 بالمئة من مجمل الميزانية الفلسطينية.
كذلك، أوعز مجلس الوزراء للجهات الحكومية، بوقف استخدام المركبات الحكومية من قبل الموظفين في الدوائر الحكومية لمن هم دون الوزراء ورؤساء الدوائر الحكومة ومن في حكمهم والمحافظين ووكلاء الوزرات ومن في حكمهم من وكلاء رؤساء الدوائر الحكومية ونواب المحافظين.
أيضا، ستكون كل المركبات الحكومية خاضعة لحلقة إلكترونية لغايات ضبط كميات الوقود والمسافات المقطوعة ضمن سجل رسمي إلكتروني لكل مركبة، وتحديد مخصصات الوقود لمركبات الحكومة بما لا يزيد عن 250 لتر وقود.
كما قرر مجلس الوزراء وقف شراء المركبات الجديدة، واقتصار تمثيل الحكومة في المؤتمرات والمحافل الدولية من دعوات توجه للدوائر الحكومية على الوزير أو موظفي الفئات العليا من الموظفين، على أن تكون المشاركة عن بعد قدر الإمكان.
وعلق مجلس الوزراء صرف أية امتيازات أو نثريات مالية غير منصوص عليها في القانون والأنظمة في القطاعين المدني والعسكري، والحد من استئجار أية مبان حكومية جديدة.
رمانة القبان
إلا أن رمانة القبان في النفقات الحكومية، والتي تستحوذ على أكثر من 75 بالمئة من مجمل الإنفاق، يتمثل بفاتورة الأجور (الموظفون، المتقاعدون، أشباه الرواتب من مخصصات للأسرى والجرحى وذوي الشهداء ومخصصات أخرى).
ويبلغ إجمالي فاتورة الأجور شهريا قرابة مليار شيكل (270 مليون دولار)، وفق إحصاءات لوزارة المالية الفلسطينية، يستفيد منها قرابة 245 ألف فرد.
من هذا الرقم، هناك 144 ألف موظف مدني وعسكري على رأس عملهم، والعدد المتبقي يتوزع بين المتقاعدين، وأصحاب مخصصات اجتماعية ومخصصات للأسرى والمحررين وذوي الشهداء.
وتظهر بيانات الميزانية الفلسطينية أن إجمالي الإيرادات المالية الفلسطينية تراوح بين 1.35 - 1.4 مليار شيكل (367 - 380 مليون دولار) شهريا في الظروف الطبيعية.
ويأتي قرابة 90 بالمئة من الإيرادات من الضرائب سواء التي تجبيها الحكومة الفلسطينية محليا، أو من خلال إيرادات المقاصة التي تجبيها إسرائيل نيابة عن الفلسطينيين.
وتقوم إسرائيل بجمع الضرائب نيابة عن السلطة الفلسطينية مقابل واردات الفلسطينيين على السلع المستوردة، وتسميها "أموال المقاصة"، بمتوسط شهري 220 مليون دولار.
وتعتمد السلطة الفلسطينية على أموال المقاصة من أجل دفع رواتب موظفيها، ومن دونها لن تكون قادرة على الإيفاء بالتزاماتها تجاه فاتورة الأجور، وتجاه نفقات المؤسسات الحكومية.
تفجّر أزمة الرواتب
واعتبارا من نوفمبر/تشرين ثاني 2021، عجزت الحكومة الفلسطينية السابقة عن دفع أجر كامل للموظفين العموميين، بسبب اقتطاعات إسرائيل من أموال المقاصة، وتراجع الدعم الخارجي.
وحتى عشية الحرب الإسرائيلية على غزة، كان الموظفون العموميون والمتقاعدون وأصحاب المخصصات المالية، يتقاضون حتى 80 بالمئة من كامل أجورهم الشهرية، والنسبة المتبقية ترصّد باعتبارها "ديونا" على الحكومة للمستفيدين.
لكن منذ اندلاع الحرب على غزة في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، علقت إسرائيل تحويل أموال المقاصة للجانب الفلسطيني، بعد إعلانها اقتطاعا إضافيا يبلغ شهريا 275 مليون شيكل (74 مليون دولار)، تمثل ما كان تحوله الحكومة الفلسطينية إلى قطاع غزة (مقابل فاتورة أجور موظفيها، وأموال مخصصة لشركة كهرباء غزة).
واليوم، لم يبق أمام الحكومة الفلسطينية، سوى الإيرادات التي تجبيها محليا، بقيمة لا تتجاوز 350 مليون شيكل شهريا، وأية منح خارجية لا تتجاوز شهريا 50 مليون شيكل.
لا مصادر مالية
ولا تملك الحكومة الفلسطينية أية مصادر مالية غير تقليدية، لحل أزمتها المالية، فهي طالما اعتمدت على: أموال المقاصة الشهرية، والإيرادات الضريبية المحلية، والمنح الخارجية.
المنح الخارجية للميزانية العامة الفلسطينية، تراجعت من متوسط 1.2 مليار دولار في 2012 إلى أقل من 220 مليون دولار في 2023.
وأموال المقاصة، التي نمت من متوسط 160 مليون دولار شهريا قبل 10 سنوات إلى 220 مليونا شهريا في 2023 وأحيانا تتجاوز 280 مليوناً، لا تكفي لسد فاتورة الأجور.
بينما الضرائب المجباة محليا، والتي لا تتجاوز في أفضل الأحوال حاجز 130 مليون دولار شهريا، لا تكفي لتلبية النفقات الجارية للحكومة.
وفي أكثر من مناسبة منذ عام 2021، طلبت الرئاسة الفلسطينية والحكومة من جامعة الدول العربية، تفعيل ما تسمى بشبكة الأمان المالية العربية، إلا أن طلباتها قوبلت بالرفض.
وشبكة الأمان المالية، مقرة عام 2010 بقيمة 100 مليون دولار شهريا، تقدم للحكومة الفلسطينية عندما تواجه أزمة مالية تجعلها غير قادرة على الإيفاء بالتزاماتها المالية