حليلة: الرواتب تلتهم نصف الموازنة.. ولا مفر من ضبط العلاوات والزيادات
9:17 صباحاً 21 تموز 2025

حليلة: الرواتب تلتهم نصف الموازنة.. ولا مفر من ضبط العلاوات والزيادات

فاتورة الرواتب سترتفع إلى 8.8 مليار شيكل في 2025 إذا لم نتدخل فورا || الرواتب في قطاع الأمن والتعليم تستهلك 70% من إجمالي الإنفاق على الأجور

الاقتصادي- في وقت تتفاقم فيه الأزمة المالية التي تعصف بالسلطة الفلسطينية، وتتعطل معها الرواتب والخدمات العامة، دعا الخبير الاقتصادي سمير حليلة إلى تبني خطة إصلاحية متوسطة الأمد، محذرًا من أن استمرار الوضع القائم "قد يدفع بالسلطة نحو هاوية سحيقة".

جاءت هذه الدعوة ضمن تحليل موسع استعرض فيه حليلة أبرز المؤشرات الاقتصادية الصادرة عن الحكومة الفلسطينية، ومعهد أبحاث السياسات الاقتصادية (ماس)، وتقارير دولية، أبرزها تقرير البنك الدولي حول مراجعة الإنفاق العام الصادر في حزيران 2024.

الاحتلال هو السبب الأول.. ولكن

أكد حليلة أن المسؤول الأول عن الأزمات الاقتصادية في فلسطين هو الاحتلال الإسرائيلي، من خلال سياسات خنق ممنهجة تهدف إلى "إضعاف الاقتصاد، ودفع الفلسطينيين نحو الهجرة، وتفكيك السلطة الوطنية".

لكن، رغم أهمية مواجهة هذه السياسات، شدد حليلة على أن "مهمة الإصلاح الداخلي أصبحت ضرورة لا يمكن تأجيلها، خصوصًا أن الأزمة الحالية ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة".

تضخم الرواتب.. وإنهاك الموازنة

كشف حليلة أن الرواتب الحكومية تستنزف نصف الإنفاق العام، مشيرًا إلى أن فاتورة الأجور قفزت من 6.4 مليار شيكل عام 2011 إلى 8.4 مليار في 2021، وقد تصل إلى 8.8 مليار في 2025. وأوضح أن السبب الأساسي في هذا الارتفاع لا يعود فقط إلى زيادة أعداد الموظفين، بل إلى "تراكم العلاوات والزيادات غير المرتبطة بالأداء".

وأضاف أن قطاع الأمن يستهلك 37% من الرواتب، مقابل 33% للتعليم و11% للصحة، مؤكدًا أن هذا التوزيع لا يعكس الأولويات التنموية ولا يُترجم إلى أداء حكومي فعّال، إذ تراجع تقييم الأداء العام لفلسطين من 43/100 في 2010 إلى 29/100 في 2020.

أزمة مقاصة، ومساعدات تتبخر

أوضح حليلة أن العجز المالي تفاقم نتيجة تراجع المساعدات الدولية من 2 مليار دولار سنويًا قبل أكثر من عقد، إلى 400 مليون فقط في 2023، ما دفع السلطة إلى الاقتراض المكثف من البنوك وهيئة التقاعد وموظفيها أنفسهم والقطاع الخاص، ليصل الدين العام إلى 11.8 مليار دولار، أي 85.7% من الناتج المحلي.

وفي المقابل، أشار إلى أن 97% من الإيرادات تأتي من الضفة الغربية، في حين يذهب 29% من الإنفاق إلى غزة، وهو ما يطرح تساؤلات عن العدالة في التوزيع وفعالية إدارة الموارد.

إصلاح لا يُحتمل تأجيله

يرى حليلة أن الإصلاح الجوهري يبدأ من إعادة النظر في القوانين الناظمة للوظيفة العامة، وعلى رأسها قانون الخدمة المدنية (2005)، وقانون الخدمة في قوى الأمن (2007)، مطالبًا بتشكيل مفوضية وطنية للإصلاح الإداري تحظى بدعم مباشر من الرئاسة ومنظمة التحرير.

وأكد أن الحل لا يكمن فقط في "تأمين راتب الشهر الحالي"، بل في "ضبط حقيقي للإنفاق العام، وتجميد زيادات الرواتب مؤقتًا، والتحكم في العلاوات، وتشجيع الإبداع داخل الوزارات المختلفة".

سؤال مفتوح: هل من مجيب؟

يختم حليلة مقاله بالتأكيد على أن تقرير البنك الدولي لا يحمل "وصفة سحرية جاهزة"، لكنه مليء بالمؤشرات التي يمكن لأي حكومة فلسطينية أن تبدأ منها. ويضيف: "المطلوب ليس مزيدًا من المناشدات للمجتمع الدولي، بل قيادة وطنية جادة تمسك زمام الإصلاح من الداخل. فهل من مجيب؟"

Loading...