وتطالبان بحلول عاجلة لأزمة الإيداعات المصرفية

الاقتصادي- تواصل أزمة تكدّس الشيكل في البنوك الفلسطينية إلقاء ظلالها الثقيلة على مختلف القطاعات الاقتصادية، وسط تحذيرات من انهيار قطاعات حيوية تعتمد بشكل مباشر على توفر السيولة النقدية.
قبل يومين، عقدت نقابتا المحروقات والغاز في الضفة الغربية اجتماعا طارئا في مقر غرفة تجارة وصناعة محافظة رام الله والبيرة، بمشاركة مجالس النقابات وأصحاب محطات الوقود والغاز من مختلف المحافظات، لبحث تداعيات أزمة الإيداعات النقدية وارتفاع العمولات المصرفية.
وخلال الاجتماع، حذر المشاركون من أن استمرار الأزمة يهدد بوقف توريد المحروقات إلى السوق الفلسطيني، ما قد ينعكس مباشرة على عمل المستشفيات والمخابز وغيرها من القطاعات الحيوية.
رئيس نقابة المحروقات والوقود، نزار الجعبري، أوضح في تصريح خاص لـ"الاقتصادي" أن محطات الوقود غير قادرة على إيداع أموالها في البنوك، الأمر الذي يعرقل قدرتها على شراء وتوريد المحروقات. وأكد أن 95% من الأموال المتكدسة لدى هذه المحطات تعود أصلا لوزارة المالية مقابل البضاعة الموردة، في حين لا تتجاوز نسبة الأموال الخاصة بالمحطات 5%.
وأشار الجعبري إلى أن النقابتين شكلتا لجان طوارئ في جميع مناطق الضفة لاقتراح خطوات نقابية تصعيدية في حال عدم إيجاد حلول، مشددا على أن سقف الإيداع المسموح حاليًا غير كافٍ، حيث لا يقبل البنك أكثر من 50 ألف شيكل عند محاولة إيداع 200 ألف شيكل، وهو مبلغ لا يغطي قيمة البضائع المطلوبة.
ولفت إلى أن سلطة النقد الفلسطينية تحدثت في اجتماع سابق عن العودة للإيداع بشكل طبيعي، لكن البنوك أكدت أنها لم تتلقَ أي تعميم رسمي بهذا الخصوص.
وبحسب سلطة النقد، باشرت البنوك الفلسطينية منذ مطلع الشهر الجاري تحويل جزء من الدفعة الربعية من الشيكل المتراكم إلى البنوك الإسرائيلية، وفقًا للآلية المتفق عليها، والتي تسمح بتحويل 18 مليار شيكل سنويا على أربع دفعات، بواقع 4.5 مليار شيكل لكل دفعة.
ويُتوقع أن يسهم هذا الإجراء في تخفيف الضغط على البنوك، لكن خبراء يرون أن حجم الكوتا الحالية لا يتناسب مع حجم التداول الفعلي في السوق الفلسطينية، ويطالبون برفعها إلى ما بين 25 و30 مليار شيكل سنويا لتفادي تكرار الأزمة.
الجعبري شدد على أن الدفع الإلكتروني يمثل مصلحة لأصحاب المحطات لأنه يقلل من مخاطر حمل الأموال ويسهّل التعاملات المالية، لكنه أشار إلى أن انتشار هذه الثقافة بين المواطنين يحتاج وقتًا طويلاً.
من جانبها، دعت سلطة النقد المواطنين إلى استخدام أدوات الدفع الرقمي مثل منصة "E-SADAD" ونظام الدفع الفوري "iBURAQ" ونقاط البيع الإلكترونية، مؤكدة أن هذه البنية التحتية جاهزة لتخفيف الاعتماد على النقد.
أزمة تكدّس الشيكل تعود أساسا إلى القيود الإسرائيلية على شحن العملة من البنوك الفلسطينية إلى البنوك الإسرائيلية، ما يعيق تغذية حسابات البنوك المحلية لدى البنوك المراسلة في إسرائيل، ويحدّ من قدرتها على أداء دورها كوسيط مالي في تنفيذ المعاملات التجارية بين الجانبين.
كما تتحمل المصارف الفلسطينية تكاليف إضافية لتخزين وتأمين الأموال ونقلها بين الفروع، فضلا عن خسارة فرصة استثمار هذه السيولة في أنشطة اقتصادية منتجة.
ورغم الخطوات الجزئية لمعالجة الأزمة، تبقى المخاوف قائمة من أن يؤدي استمرارها إلى شلل اقتصادي حاد، خاصة في القطاعات التي يعتمد استمرار عملها على توفر السيولة بشكل يومي.