مشروب الصباح الذي يقاوم الغلاء

الاقتصادي- لا يكتمل صباح الكثير من الفلسطينيين من دون فنجان قهوة يمنحهم دفعة طاقة وتركيز قبل الانطلاق إلى أعمالهم أو مقاعد الدراسة.
ورغم ارتفاع الأسعار وتزايد أعباء المعيشة، يبدو أن القهوة لا تزال تحجز مكانها الثابت في ميزانية الأسرة الفلسطينية.
وفق بيانات حديثة حصل عليها موقع "الاقتصادي" من الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، بلغ متوسط إنفاق الأسرة في الضفة الغربية على القهوة نحو 34 شيكلاً شهرياً، أي ما يعادل قرابة 7 شواكل للفرد، استناداً إلى مسح جرى تنفيذه في 2023 وشمل أكثر من 3200 أسرة بمتوسط 4.7 أفراد لكل أسرة. ومن الطبيعي أن هذا الرقم سيكون أعلى من ذلك مع ارتفاع الأسعار على مدار السنوات الأخيرة.
وتشير الأرقام إلى أن القهوة المحمصة والمطحونة تستحوذ على الحصة الأكبر من هذا الإنفاق، يليها القهوة سريعة التحضير، فيما توزّعت مبالغ إضافية على مشروبات مرتبطة بالعادات اليومية مثل الكاكاو واليانسون والنعناع. ويؤكد "الإحصاء" أن هذه الأرقام تدرج إنفاق القهوة ضمن "النفقات الاعتيادية" للأسرة، رغم الضغوط الاقتصادية المتزايدة.
وتشير بيانات رسمية إلى أن إجمالي واردات البن إلى فلسطين بلغ عام 2019 حوالي 31.7 مليون دولار، ما يعكس الحجم الاقتصادي لهذه السلعة وأهميتها في السوق المحلي. ومن المرجح أن قيمة الواردات ازدا
هذا الشغف يواجه اليوم تحدياً جديداً؛ إذ شهدت الأسواق الفلسطينية في السنوات الأخيرة ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار القهوة، آخرها بداية 2025. فقد قفز سعر أوقية القهوة في السوق المحلي من 12 إلى 15 شيكلا ثم 18 شيكلاً لدى بعض المحلات، في زيادة وصفت بأنها استجابة لارتفاع الأسعار عالمياً إلى أعلى مستوياتها منذ 71 عاماً.
ويعزو أصحاب المحال هذه الزيادة إلى تأثيرات المناخ على الإنتاج العالمي، حيث عانت البرازيل –أكبر منتج للقهوة- من أسوأ موجة جفاف منذ سبعة عقود، أعقبتها أمطار غزيرة ألحقت أضراراً بالمحاصيل، بينما تأثرت فيتنام بظروف مشابهة.
تُظهر هذه الأرقام أن القهوة في فلسطين ليست مجرد مشروب، بل عادة يومية وطقس اجتماعي يرتبط بالضيافة والتواصل، حتى باتت بنداً ثابتاً في ميزانية الأسرة، يقاوم تقلبات الأسعار.