خبير اقتصادي: المصالح الاقتصادية ستدفع إسرائيل إلى تجديد اتفاقية المراسلات المصرفية
1:47 مساءً 23 تشرين الثاني 2025

خبير اقتصادي: المصالح الاقتصادية ستدفع إسرائيل إلى تجديد اتفاقية المراسلات المصرفية

تحركات دبلوماسية فلسطينية نحو واشنطن وأوروبا لتجديد الاتفاقية// 55 مليار شيكل تداول سنوي و80 مليار تحويلات تعزز مصلحة إسرائيل في التجديد// شركات مراسلة بديلة جاهزة في حال عدم التجديد

الاقتصادي – قال الخبير الاقتصادي د. طارق الحاج إن تهديدات وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش  بعدم تجديد اتفاقية المراسلات المصرفية الموقعة بين القطاع المصرفي الفلسطيني وبنوك إسرائيلية التي تنتهي نهاية الشهر الجاري تتكرر سنوياً، وغالباً ما تُستخدم كورقة ضغط سياسية، كما حدث العام الماضي عندما ارتبطت التهديدات بمساومات بين الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأميركية انتهت برفع عقوبات عن خمسة مستوطنين مقابل تجديد المراسلات.

وتعطي اتفاقية المراسلات المصرفية بين القطاع المصرفي الفلسطيني وبنوك إسرائيلية، غطاء قانونيا أمام أي دعاوى قد ترفع في المحاكم الأمريكية أو الإسرائيلية بشأن قضايا تمويل الإرهاب.

 ويدير بنكان إسرائيليان وهما "ديسكونت" و"هبوعليم" علاقات البنوك الفلسطينية مع النظام المصرفي في إسرائيل، والتي تتمثل في إرسال واستقبال التحويلات النقدية، خاصة تلك المتعلقة بمدفوعات التجارة.

وأضاف الحاج في حديث خاص لـ"الاقتصادي أن هناك تحركا فلسطينيا نشط، خاصة باتجاه الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وعدد من الدول المؤثرة في الشرق الأوسط، للضغط على الحكومة الإسرائيلية لتجديد اتفاقية المراسلات. ورغم عدم توفر معلومات رسمية، إلا أنه يتوقع أن يتم التجديد باعتباره "إجراء روتينياً" تمليه المصالح الاقتصادية الإسرائيلية.

مكاسب إسرائيل من استمرار التحصين

وأوضح الحاج أن مبررات إسرائيل الاقتصادية تفوق بكثير أي اعتبارات سياسية، إذ يشكل السوق الفلسطيني رافعة مهمة للاقتصاد الإسرائيلي، وفي مقدمتها، أنه يتم تداول نحو 55 مليار شيكل داخل السوق الفلسطينية، كما أن ثلث مستخدمي الشيكل هم من الفلسطينيين، إضافة إلى أن حجم التحويلات البنكية بين الفلسطينيين والإسرائيليين يتجاوز 80 مليار شيكل سنوياً، فيما أن التحويلات الحكومية (جمارك وضرائب) تتجاوز 8 مليارات شيكل سنوياً.

وأشار إلى أن هذه الأرقام تعزز قوة الشيكل وتُبقي السوق الفلسطينية مفتوحة أمام السلع الإسرائيلية، مما يحفّز بقاء المصانع الإسرائيلية داخل إسرائيل ويزيد أرباح المستثمرين الإسرائيليين، وينعكس مباشرة على إيرادات الخزينة الاسرائيلية التي تعاني عجزاً مالياً.

اعتماد فلسطيني واسع على السلع والخدمات الإسرائيلية

وأكد الحاج أن نحو 80% من المياه و90% من الكهرباء و100% من الوقود المورد للفلسطينيين مصدرها إسرائيل، إضافة إلى سلع استراتيجية مثل الطحين والأرز والسكر، وجميعها تُسدد أثمانها عبر البنوك الفلسطينية ذات المراسلة الإسرائيلية.

 وقال: "من غير المنطقي أن توقف إسرائيل هذا النظام، لأن أي تعطيل سيشلّ القدرة على صرف الشيكات والتحويلات بين الشركات الفلسطينية والإسرائيلية وحتى مع العالم الخارجي."

كما لفت إلى أن البنوك الإسرائيلية تحصل على رسوم مالية مقابل معالجة النقد الفلسطيني، منها 1500 شيكل على كل مليون شيكل يجري فحصه ومعالجته، ما يعكس أيضاً استفادتها المباشرة من استمرار العلاقة المصرفية.

حلول بديلة جاهزة

وأضاف الحاج أن إسرائيل أسست في عام 2023 شركة خدمات مراسلة إسرائيلية مساهمة محدودة للتعامل مع البنوك الفلسطينية، بالتوازي مع تأسيس سلطة النقد الفلسطينية لشركة خدمات مراسلة فلسطينية عام 2021.

وبحسب الحاج، يشكل هذا المسار "مخرجاً فنياً" جاهزاً في حال لم يتم تجديد الحصانة، بحيث يُنقل مستوى التعامل من البنوك الإسرائيلية مباشرة إلى الشركات المتخصصة، ضمن سقف تنظيمي يحدّ من المخاطر.

وختم الحاج بأن السوق الفلسطينية تُعد "واحدة من أكثر الأسواق ربحاً لإسرائيل"، سواء من ناحية حجم الأموال المتداولة أو اعتماد الفلسطينيين على السلع والخدمات الإسرائيلية، ما يجعل تجديد الحصانة القضائية خطوة متوقعة ومرجحة، رغم الخطاب السياسي المرافق لها سنوياً.

وفي حال عدم تمديد اتفاقية المراسلات المصرفية، فإن السوق الفلسطينية ستواجه شحاً في عديد السلع الحيوية، بصدارة الوقود، إذ يستورد الفلسطينيون 100 بالمئة من الوقود من الجانب الإسرائيلي، عدا عن سلع حيوية أخرى.

كذلك، تعتبر البنوك الإسرائيلية مفتاحا رئيسا لولوج عديد البنوك الفلسطينية إلى النظام المصرفي العالمي، ومن دون هذه العلاقة، ستكون قدرة غالبية البنوك في القطاع المصرفي الفلسطيني على التعامل بالشيكل الإسرائيلي وتحويله إلى عملات اجنبية محدودة. ويتجاوز إجمالي أصول القطاع المصرفي الفلسطيني قرابة 27 مليار دولار، بينما تتجاوز ودائع العملاء حتى نهاية أيلول/ سبتمبر الماضي، 21.2 مليار دولار، والتسهيلات 12.8 مليار دولار.

ويعمل في السوق المصرفية الفلسطينية 13 مصرفا محليا ووافدا، بواقع 7 بنوك محلية و6 وافدة، منها 5 بنوك أردنية وآخر مصري.

 

Loading...