
الاقتصادي – قال الخبير الاقتصادي د. طارق الحاج، إن تعزيز حضور الدينار الأردني في السوق الفلسطينية يشكّل ركيزة أساسية لدعم النظام المصرفي المحلي، وتمتين العلاقات الاقتصادية بين فلسطين والأردن، باعتبار الأخيرة أحد أهم الشركاء التجاريين لفلسطين تاريخياً وحاضراً.
وأوضح الحاج في حديث خاص لـ"الاقتصادي" أن الدينار الأردني يدخل إلى البنوك العاملة في فلسطين سواء البنوك المحلية وعددها سبعة، أو البنوك الوافدة وعددها ستة منها خمسة أردنية حصراً عبر الأردن من خلال المعابر الرسمية، ما يجعل العلاقة النقدية بين الجانبين جزءاً أساسياً من بنية الاستقرار المالي الفلسطيني.
الدينار يشكّل رافعة للنظام المصرفي الفلسطيني
وأشار الحاج إلى أن تعزيز وجود الدينار في السوق يُمكن البنوك من أداء دورها التنموي والتمويلي، خصوصاً أن المؤسسات الكبيرة، ومنها الجامعات، تصرف جزءاً كبيراً من رواتب موظفيها بالدينار، كما تُسعّر نسبة واسعة من عقود بيع وشراء العقارات بالدينار الأردني.
كما تُجبى رسوم ومعاملات حكومية فلسطينية بالدينار، مثل رسوم سلطة الأراضي والطوابع المالية، ما يجعل الدينار جزءاً مركزياً في العمليات اليومية للسوق والموازنة العامة.
إسرائيل تعرقل دخول العملة لخلخلة الثقة
وبيّن الحاج أن إسرائيل تعمل في السنوات الأخيرة على تقييد إدخال الدينار والدولار إلى السوق الفلسطينية، في محاولة لإحداث "شرخ" في ثقة المواطنين بالعملة الأردنية، إذ ترى إسرائيل أن تعزيز تداول الدينار يضعف هيمنة الشيكل على المعاملات اليومية.
وقال: "إسرائيل لا تسمح بدخول الدينار بشقه المعدني، لذلك لا يتم استخدامه كعملة تداول يومي، وتبقى المشتريات اليومية محصورة بالشيكل، الذي يشكّل ثلث مستخدميه في الأساس من الفلسطينيين".
وأضاف: "هذا التداول الضخم داخل السوق الفلسطينية يساهم في تعزيز قيمة الشيكل واستقرار الطلب عليه".
ويرى الحاج أن السماح بدخول الدينار بكميات كافية وبالشقين الورقي والمعدني، سيُشكل خطوة جوهرية نحو تمكين الدينار وخلق بديل نقدي حقيقي إلى جانب الشيكل، ما يمهد لانفكاك اقتصادي تدريجي عن الاقتصاد الإسرائيلي.
لكنه أكد أن هذا المسار لا يتحقق بالعملة وحدها، بل يتطلب خطوات موازية في الانفكاك المالي والتجاري وتطوير البنية اللوجستية الفلسطينية. ولفت إلى وجود تطورات إيجابية، منها: مشروع تزويد محافظة أريحا بالكهرباء من الجانب الأردني، وأيضا المباحثات الجارية حول تزويد أجزاء من غزة والضفة بالكهرباء المصرية.
الدينار كمدخل للانفكاك الاقتصادي
وأشار الحاج إلى أن تعزيز السيادة النقدية عبر الدينار يُعتبر خطوة استراتيجية، خاصة إذا ترافقت مع تحركات سياسية فلسطينية لفتح قنوات مع الدول العربية، وعلى رأسها الأردن، لضمان استقرار الإمدادات النقدية والخدمات الحيوية.
وختم قائلاً: "إذا تمكّنا من تعزيز وجود الدينار الأردني في السوق، وتمكّنا من ضمان بدائل في الطاقة والخدمات، نكون قد وضعنا الأساس لخطوة كبيرة نحو الانفكاك الاقتصادي الحقيقي عن إسرائيل".