
الاقتصادي- أثار قرار الحكومة استيراد 5 آلاف طن من زيت الزيتون إلى السوق المحلية مخاوف من أن يؤدي ذلك إلى الإضرار بموسم الإنتاج المقبل، خاصة أن الكمية المستوردة تعادل نحو ثلث متوسط الإنتاج السنوي في فلسطين. يأتي هذا فيما بررت الحكومة خطوتها بأنها تستهدف سد العجز الناتج عن ضعف الموسم الحالي.
وصادق مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة على السماح بالاستيراد بناء على توصية اللجنة الخاصة بآليات التعامل مع المنتجات الزراعية، وعلى رأسها زيت الزيتون، مؤكداً أن الهدف هو تلبية الاحتياج المحلي بعد أن شهد الموسم الحالي تراجعاً ملحوظاً في كميات الزيت المنتجة.
وفي حديثه لـ"الاقتصادي"، قال المزارع عبد الكريم زيادة، وهو من الأصوات الميدانية التي عبّرت عن قلقها، إن ضعف الموسم الحالي لا يعني أن الموسم المقبل سيكون كذلك، موضحاً أن الإنتاج في سنوات الوفرة لا يقل 16–17 ألف طن. ووفق بيانات رسمية فإن معدل إنتاج الزيت خلال الـ 15 موسما الماضية سجلت 22 ألف طن.
ويرى زيادة أن إدخال كميات ضخمة من الزيت المستورد قبل موسم جديد متوقع أن يكون جيداً، قد يؤدي إلى فائض كبير في السوق، يضغط على الأسعار ويزيد من أعباء المزارعين الذين يواجهون تحديات متراكمة من استيطان وطقس قاسٍ وتراجع خصوبة الأراضي.
وأضاف: "الاستيراد في هذا التوقيت يرسل رسالة سلبية للمزارع الفلسطيني، ويضعف ثقة المنتجين بالاستثمار في أراضيهم، خاصة بعد أن نجحت العديد من التعاونيات في إنتاج زيت عضوي عالي الجودة وتسويقه محلياً وخارجياً. وفي حال بقيت الكميات المستوردة دون تسويق كامل، فسندخل الموسم المقبل مع فائض سيضرب الأسعار ويرهق المزارعين".
وأشار إلى أن سعر الزيت الجديد في السوق لم يتجاوز 750 شيكل للكيلو، بينما هبط سعر الزيت القديم إلى أقل من 500 شيكل، لافتاً إلى أن دخول الزيت المستورد قد يوسّع الهوة السعرية ويضع المنتج المحلي أمام منافسة غير عادلة.
ودعا زيادة إلى وضع ضوابط أكثر صرامة بشأن حجم الاستيراد وآلياته، مؤكداً أن الكمية المسموح بها كبيرة مقارنة بموسم كامل، خصوصاً في عام شهد ضعفاً واضحاً في الإنتاج. وشدد على ضرورة توجيه الجهود نحو دعم الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الواردات، حفاظاً على استدامة قطاع الزيتون ودوره في الاقتصاد الوطني.
في المقابل، أكدت وزارة الزراعة أن قرار الاستيراد جاء استجابة لفجوة حقيقية بين العرض والطلب. وقال الناطق باسم الوزارة محمود فطافطة إن تقديرات الوزارة تشير إلى توفر 8 آلاف طن فقط من الزيت هذا الموسم، مقابل حاجة سنوية تقارب 14 ألف طن، وهو ما دفع الحكومة لإقرار الاستيراد كخطوة تعويضية.
وبيّن فطافطة أن الحكومة شكّلت لجنة فنية اعتمدت معايير واضحة للاستيراد، أهمها ألا تتجاوز الكمية 5 آلاف طن، وأن يلتزم المستوردون بالمواصفات الفلسطينية المعتمدة. وستُنفذ عملية التوريد عبر لجنة الكوتا السلعية في وزارة الاقتصاد، بحيث يُسمح فقط للشركات المسجلة رسمياً لدى وزارتي الاقتصاد والمالية بتقديم طلبات الاستيراد.
وأوضح أن عدة دول مرشحة لتوريد الزيت، على أن تخضع كل العروض لفحص جودة ومطابقة ومقارنة أسعار قبل اعتماد أي منها، بما يضمن حماية المستهلك وتوفير كميات تغطي الاحتياجات دون التأثير على السوق بشكل سلبي.
وأضاف أن الاستيراد مخصص لعام استثنائي واحد فقط، ولن يسمح بتجاوز السقف المحدد، على أن يُعاد تقييم الوضع في الموسم المقبل وفق حجم الإنتاج المحلي.
كما اشترطت الوزارة ألا تزيد العبوة المستوردة عن 8 لترات لمنع أي عمليات تعبئة فرعية قد تفتح باب الغش أو التلاعب، داعية المستهلكين إلى التأكد من جودة الزيت عبر الفحوصات المعتمدة عند الشراء.
وختم فطافطة بالتأكيد على أن الزيت المستورد يجب أن يكون من إنتاج الموسم الجاري، ومن فئة الزيت البكر حصراً، ومتوافقاً مع المواصفات الفلسطينية بشكل كامل، باعتبار ذلك شرطاً أساسياً لدخوله السوق المحلية.