إجراءات جديدة تحاصر تضارب المصالح وتضبط حركة التعيينات

الاقتصادي- أصدرت هيئة سوق رأس المال قرارًا تنظيميًا مهمًا يحمل رقم (1) لسنة 2025، يحدد متطلبات تعيين الإدارة التنفيذية العليا والموظفين الرئيسيين في شركات التأمين، في خطوة تأتي بعد سنوات من الجدل حول انتقال موظفين من مواقع رقابية داخل الهيئة إلى مناصب تنفيذية رفيعة في شركات التأمين.
ومن بين أبرز ما جاء في القرار الذي اطلع عليه موقع الاقتصادي، برز شرط مرور سنتين قبل الانتقال من الهيئة إلى الشركات كأحد أهم أدوات تعزيز النزاهة والحد من تضارب المصالح، إذ نصّت المادة (4) بند (5) على: "ألا يكون قد عمل موظفًا في الهيئة خلال السنتين السابقتين على تاريخ تعيينه".
اشتراط فترة عازلة تمتد لعامين يشكّل محاولة لضبط هذه الحركة، وضمان استقلالية كاملة بين الجهة الرقابية والجهات الخاضعة لرقابتها.
القرار المنشور في الجريدة الرسمية، يضع إطارًا شاملًا لعملية التعيين، بدءًا من تعريف الوظائف الحساسة التي تتطلب موافقة مسبقة من الهيئة، مثل المدير العام ونوابه ومديري المخاطر والمالية والامتثال والتدقيق الداخلي وإدارة المحافظ.
كما يحمّل مجالس الإدارة المسؤولية المباشرة عن التأكد من ملاءمة المرشحين، ويفرض على الشركات تقديم ملف متكامل للهيئة يشمل السيرة الذاتية والسجل المهني وبراءة الذمة، إلى جانب إفصاح مكتوب عن أي حالات تضارب مصالح قائمة أو محتملة.
وتشدد التعليمات على ضرورة توفر مؤهلات علمية وخبرة عملية مناسبة في قطاع التأمين أو القطاعات المالية ذات الصلة، مع التحقق من خلوّ السجل الجنائي للمرشح من أي مخالفات تمس الأمانة أو الشرف، إضافة إلى التأكد من عدم تعرضه لإفلاس أو عقوبات رقابية سابقة. كما يشترط القرار قدرة المرشح على الإقامة الدائمة داخل فلسطين.
وفي سياق الحوكمة، يمنع القرار أي شركة من استكمال التعيين أو حتى ترقية موظف إلى منصب تنفيذي رئيسي دون الحصول على موافقة خطية مسبقة من الهيئة، ويمنح الأخيرة صلاحية إلغاء أي موافقة ثبت أنها صدرت استنادًا إلى معلومات غير صحيحة أو مضللة.
كما يفرض على الشركات إخطار الهيئة خلال خمسة أيام في حال استقالة أي موظف من الفئة المستهدفة، موضحًا تاريخ تعيينه والمناصب التي شغلها وأسباب الاستقالة.
ورغم التشدد في الضوابط الجديدة، اعتمد القرار ما يشبه “الحل الانتقالي”، إذ منح شاغلي المناصب التنفيذية قبل سريانه موافقة حكمية على استمرارهم في مناصبهم الحالية فقط، دون أن يمتد ذلك إلى أي تعيينات أو ترقيات لاحقة تتطلب العودة للمعايير الجديدة.
يُنظر إلى القرار على أنه إحدى أكثر الخطوات تأثيرًا في تنظيم قطاع التأمين الفلسطيني، إذ يعزز ثقة السوق، ويرفع من مستوى المهنية، ويحد من تضارب المصالح بين الجهة الرقابية والشركات.
كما يشكل نقلة في طريقة التعيين داخل الشركات التي ستكون مطالبة بتحديث سياساتها الداخلية بما يتلاءم مع المتطلبات الجديدة، وضمان اختيار قيادات تملك الكفاءة والخبرة والنزاهة اللازمة لإدارة قطاع يتعامل مع حقوق مالية لعشرات الآلاف من أصحاب البوالص التأمينية.