
الاقتصادي- في ظل تقلبات أسعار الصرف واختلاف أسعار الفائدة بين العملات، يواجه المواطن تساؤلات جوهرية عند التوجه للاقتراض من البنوك، أبرزها: بأي عملة يكون القرض؟ وهل القرار بيد البنك أم المقترض؟.
ويؤكد المحلل المالي محمد سلامة، أن حسن اختيار عملة القرض يعد عاملا حاسما في حماية المقترض من أعباء مالية غير محسوبة.
وأضاف، في حديث خاص لـ"الاقتصادي" أن البنوك العاملة في السوق المصرفي الفلسطيني تمنح القروض بالعملات المتوفرة لديها للإقراض، وهي العملات الناتجة عن ودائع العملاء مثل الشيكل والدولار والدينار واليورو، موضحا أن البنك لا يفرض عملة القرض على المقترض، بل إن القرار الأساسي يعود للعميل وفق احتياجاته وطبيعة نشاطه.
وأوضح سلامة، أن دور البنك يقتصر على التحقق من توفر العملة المطلوبة لديه وقدرته على الإقراض بها، وفي حال عدم توفرها لا يتم منح القرض، باعتبار أن العملية تخضع لمعادلة العرض والطلب، مشيرا إلى أن التفاوض بين البنك والعميل يتم بناء على طلب المقترض، وليس وفق رغبة البنك في فرض عملة معينة.
وشدد، على أن العامل الأهم عند اتخاذ قرار الاقتراض هو مواءمة عملة القرض مع طبيعة الدخل والنفقات، لافتا إلى أن من يعمل ويتداول بالشيكل، سواء في التجارة أو الرواتب أو المصروفات، يفضل أن يقترض بالشيكل لتجنب مخاطر تقلبات أسعار الصرف، أما من يعتمد دخله أو تعاملاته التجارية على الدولار، سواء عبر الاستيراد أو التحويلات الخارجية، فقد يكون الاقتراض بالدولار الخيار الأنسب له.
وحذّر سلامة، من الاقتراض بعملة تختلف عن عملة الدخل، إذ أن تقلبات أسعار الصرف قد تؤدي إلى ارتفاع قيمة الأقساط أو إجمالي القرض، ما يضاعف العبء المالي على المقترض.
وأشار إلى أن عام 2025 شهد ارتفاعا بنحو 25% في سعر الدولار، وهو ما أفاد المقترضين بالدولار، في حين لم يتأثر المقترضون بالشيكل ممن كانت دخولهم والتزاماتهم بالشيكل.
وفيما يتعلق بالفوائد، أوضح سلامة أن سعر الفائدة على قروض الشيكل أعلى من الدولار في السوق الفلسطيني، مشيرا إلى أن الفارق حاليا يتراوح بين نصف نقطة إلى ثلاثة أرباع نقطة مئوية، ما يجعل تكلفة الاقتراض بالدولار أقل من حيث الفائدة، لكنه شدد على أن انخفاض الفائدة لا يعني بالضرورة أن الخيار هو الأفضل إذا لم يتوافق مع عملة السداد.
وبيّن سلامة أن منح الائتمان يعتمد على السيولة المتوفرة لدى البنوك، لافتا إلى أن جزءا من ودائع العملاء يخصص للاحتياطي الإلزامي لدى سلطة النقد، وجزء آخر للسيولة النقدية، فيما يتم توجيه المتبقي للإقراض. وأكد أن البنوك الفلسطينية لا تتوسع في منح قروض بعملات غير متوفرة لديها عبر عمليات مقايضة خارجية، لما يشكله ذلك من ضغط على السيولة، ما يحافظ على استقرار الجهاز المصرفي.
وختم سلامة بالتأكيد على أن القاعدة الذهبية في الاقتراض هي اختيار عملة القرض بما يتناسب مع عملة الدخل والسداد، داعيا المواطنين إلى دراسة قدرتهم المالية جيدا قبل الاقتراض، وعدم الانجذاب فقط إلى سعر فائدة أقل، لأن مخاطر تقلبات أسعار الصرف قد تكون أعلى كلفة على المدى المتوسط والطويل.
وصعد إجمالي القروض والتسهيلات الممنوحة من قبل القطاع المصرفي الفلسطيني لمختلف القطاعات، بنسبة 7% حتى نهاية الربع الثالث على أساس سنوي، ليصل إلى 12.816 مليار دولار.
وتتوزع القروض والتسهيلات الممنوحة من البنوك العاملة في فلسطين إلى قروض موجهة للقطاع العام والقطاع الخاص المقيم.
وحتى نهاية الربع الثالث من العام الجاري، بلغت قيمة القروض الممنوحة للقطاع العام 3.34 مليار دولار، أي ما نسبته 26% من الإجمالي، وهي تراكمية على كافة الحكومات المتعاقبة على فلسطين المقترضة من البنوك.
وفيما يتعلق بالقطاع الخاص الفلسطيني، فقد بلغت قيمة القروض والتسهيلات الممنوحة له حتى نهاية سبتمبر 2025 نحو 9.43 مليار دولار، مشكلة ما نسبته 74% من إجمالي القروض والتسهيلات في فلسطين.
وعلى مستوى المنطقة الجغرافية، بلغت قيمة القروض الموجهة للضفة الغربية حتى نهاية الربع الثالث 2025 نحو 8.45 مليار دولار، مقابل 973 مليون دولار لغزة، و43 مليون دولار لغير المقيمين.
وهذه المبالغ تمثل إجمالي دفعات الأقساط غير المستحقة، أي لم يحن وقت سدادها، وهي مبالغ تراكمية للدفعات المسجلة على المقترضين وفق جداول سداد شهرية.
ويعمل في القطاع المصرفي الفلسطيني 13 بنكًا ومصرفًا، منها 7 محلية و6 وافدة.