
الاقتصادي- ستخضع طلبات الشراء الأونلاين بعد بدء تنفيذ قانون التجارة الإلكترونية رقم 21 لسنة 2025 الذي صدر في 27 تشرين الأول 2025، وسيدخل حيز التنفيذ في 27 كانون الثاني 2026، لآلية جديدة تقوم على إصدار فاتورتين ضريبيتين: واحدة من التاجر على المنتج، وأخرى من شركة التوصيل على خدمة النقل.
ورغم أن الهدف المعلن هو تنظيم السوق وتحقيق العدالة الضريبية، إلا أن هناك تحذيرات من آثار مباشرة على الأسعار، وشركات التوصيل الصغيرة، وآليات التنفيذ غير الواضحة، ما يفتح باباً واسعاً للنقاش والجدل.
في المقابل، أوضحت وزارة الاقتصاد الوطني أن قانون التجارة الإلكترونية الجديد لا يفرض أعباءً أو تكاليف مالية إضافية خارج الإطار الضريبي المعمول به أصلاً، مؤكدة أن شركات التوصيل المسجلة قانونياً كانت ولا تزال ملزمة بإصدار فواتير ضريبية، باعتبار نشاطها نشاطاً تجارياً خاضعاً للقانون.
وشددت الوزارة على أن الحديث عن فرض ضرائب جديدة أو تحميل القطاع أعباء غير مبررة غير دقيق، موضحة أن القانون يهدف إلى تنظيم السوق وتعزيز نمو التجارة الإلكترونية، خاصة للمشاريع الناشئة التي لا تتجاوز أعمالها السقف الضريبي المنصوص عليه.
وأضافت الوزارة أن إجراءات تسجيل المتاجر الإلكترونية، وفق القانون، لا تتطلب وثائق أو مستندات إضافية، بل جاءت لحماية التاجر والمستهلك على حد سواء، وللحد من التلاعب والصفحات المجهولة.
وأشارت إلى أن غالبية مواد القانون تركز على حماية حقوق المستهلك، وتنظيم آليات الشكاوى، وتعزيز الثقة في عمليات الشراء والدفع الإلكتروني، بما يسهم في الحد من التزوير والغش الإلكتروني، ويدعم بيئة تسوق آمنة ومستقرة تشجع على نمو النشاط التجاري الرقمي في فلسطين.
وبحسب المادة (16) من القانون، تُلزم شركات التوصيل بعدم نقل أي منتجات دون وجود فواتير ضريبية رسمية، إضافة إلى إصدار فاتورة ضريبية بدل أجور نقل المنتجات.
ويؤكد الخبير في التجارة الإلكترونية شعيب زاهدة، أن فرض فاتورتين على طلبات التجارة الإلكترونية ليس أمراً جديداً من حيث المبدأ، بل هو متبع عالمياً، نظراً لوجود خدمتين منفصلتين: خدمة بيع المنتج، وخدمة نقل البضاعة.
ويوضح في حديث خاص لـ"الاقتصادي"، أن فاتورة المبيعات تصدر عن التاجر، بينما تعد خدمة التوصيل خدمة مستقلة يجب أن تفرض عليها ضريبة، خاصة أن طبيعة التجارة الإلكترونية تعتمد أساساً على شركات التوصيل.
ويشير زاهدة، إلى أن الإشكالية في السوق المحلي تكمن في الأعراف السائدة، حيث يتم تحصيل أجور التوصيل، وغالباً ما تكون 20 شيكلا، دون توضيح ما إذا كانت شاملة للضريبة أم لا، وفي كثير من الحالات من دون التزام ضريبي حقيقي، سواء من التاجر أو شركة التوصيل، ما أدى إلى وجود ممارسات تهرب ضريبي غير معلنة.
الأثر المالي وارتفاع الأسعار
وبحسب زاهدة، إذا كان التاجر يصرح صراحة بأن سعر المنتج شامل للضريبة، فإن جزءاً من قيمة الـ100 شيكل يذهب فعلياً للحكومة، وأما في حال عدم التصريح، وهو السائد في السوق، فإن السعر سيشهد زيادة مباشرة.
ففي هذه الحالة، تضاف ضريبة القيمة المضافة على المنتج نحو 16 شيكلاً، إضافة إلى ضريبة على خدمة التوصيل، ما يرفع السعر النهائي من 120 شيكلا إلى نحو 139 شيكلا.
ويحذر زاهدة من أن هذا الارتفاع سينعكس مباشرة على المستهلك، وقد يؤدي إلى تراجع الطلبات الإلكترونية، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، ويضع ضغطاً إضافياً على التجار وشركات التوصيل معاً.
شركات التوصيل الصغيرة وآليات التنفيذ
ويشير، إلى أن المادة 16 من القانون تحمل شركات التوصيل دوراً محورياً في التنفيذ، إذ تمنعها من نقل أي طرد دون فاتورة ضريبية للمنتج وفاتورة لخدمة النقل.
ويحذر زاهدة، من أن هذا الأمر قد يؤدي إلى تصادم مباشر بين التجار وشركات التوصيل، وكأن الأخيرة أصبحت واجهة تنفيذية للقانون.
كما يلفت إلى أن فلسطين تضم نحو 85 شركة توصيل مرخصة رسمياً، معظمها شركات صغيرة تضم بين 10 و15 موظفاً، وتعتمد في عملها على المنافسة السعرية، إلا أنه مع ارتفاع التكاليف، قد تعزف بعض المتاجر عن التعامل معها، ما يهدد بإغلاقها وفقدان وظائف بشكل مباشر، إضافة إلى آثار اقتصادية غير مباشرة تمتد إلى قطاعات أخرى.
ويضيف زاهدة، أن آليات التنفيذ لا تزال غير واضحة، وسط مخاوف من أن يتم التطبيق عبر تشديد ميداني من خلال مصادرة البضائع وحجز المركبات وفرض الغرامات، في ظل غياب معالجة قانونية لحالات عديدة، مثل توصيل الهدايا، أو الأوراق، أو الطرود غير التجارية.
كما يثير إشكالية قانونية تتعلق باستخدام مصطلح "فاتورة ضريبية" بدلاً من "إرسالية"، المتعارف عليها في عمليات نقل البضائع، خاصة في حال إعادة الطرد أو عدم استلامه، وهو ما لم يوضحه القانون حتى الآن.