
الاقتصادي- مع استحواذ النقل البري على نحو خُمس انبعاثات ثاني أكسيد الكربون عالميًا، يُعد التحول إلى السيارات الكهربائية عنصرًا أساسيًا لتحقيق الحياد الكربوني. وبعد سنوات من الدعم الحكومي والاستثمارات الصناعية، انتقلت السيارات الكهربائية من منتج متخصص إلى خيار واسع الانتشار، غير أن هذا التحول تعثّر خلال العامين الماضيين بفعل تقليص الحوافز، وارتفاع الأسعار، ونقص البنية التحتية لمحطات الشحن.
وفي أوروبا، يستعد الاتحاد الأوروبي لتخفيف اندفاعه نحو السيارات الكهربائية، بعدما كان قد قرر في 2022 حظر بيع سيارات محركات الاحتراق الداخلي اعتبارًا من عام 2035. ومع تباطؤ نمو المبيعات وتوقع استمرار الطلب على سيارات الوقود، خفّضت شركات كبرى مثل مرسيدس-بنز وفولفو وبورشه استثماراتها في السيارات الكهربائية، وضغطت لإعادة النظر في الموعد النهائي، محذّرة من خسائر اقتصادية وفقدان وظائف.
ونتيجة لذلك، قدّم الاتحاد الأوروبي موعد مراجعة خططه إلى ديسمبر المقبل، ويدرس السماح بمواصلة بيع السيارات الهجينة وسيارات المدى الممتد حتى عام 2040. واستباقًا لذلك، بدأت شركات السيارات الأوروبية توسيع خططها للسيارات الهجينة، وطلبت من الموردين الاستعداد لتوفير مكونات لسيارات غير كهربائية بعد 2035، فيما تدرس BMW وفولكسفاغن إضافة أنظمة مُمدِّد المدى لبعض طرازاتهما.
ورغم التباطؤ، لا يزال نمو السيارات الكهربائية مستمرًا عالميًا، إذ ارتفعت مبيعات السيارات الكهربائية بالكامل والهجينة القابلة للشحن بنسبة 26% في 2024، مقارنة بـ34% في العام السابق. وتصدّرت الصين السوق، مستحوذة على نحو ثلثي المبيعات العالمية من أصل 17.6 مليون سيارة. وفي الولايات المتحدة، ارتفعت المبيعات بنسبة 12% مطلع 2025، رغم إلغاء إدارة الرئيس دونالد ترامب دعم السيارات الكهربائية وتخفيف معايير كفاءة الوقود.
أما في أوروبا، فقد استقرت المبيعات العام الماضي للمرة الأولى، ورغم عودتها إلى النمو هذا العام، لا يزال المسار دون المستوى المطلوب لتحقيق أهداف خفض الانبعاثات. ويُعزى التباطؤ إلى ارتفاع أسعار السيارات الكهربائية مقارنة بنظيراتها العاملة بالوقود، بعد إلغاء الدعم الحكومي، إضافة إلى قلق المستهلكين من الشحن والتكلفة. وفي المقابل، تفرض الدول الغربية رسومًا جمركية وحواجز للحد من دخول السيارات الكهربائية الصينية الأرخص.
ومنذ عام 2023، خفّضت شركات السيارات التقليدية توقعاتها لمبيعات السيارات الكهربائية بحلول 2030 بأكثر من خمسة ملايين سيارة، فيما سمح الاتحاد الأوروبي بمنح الشركات مهلة إضافية لتجنب غرامات التلوث، ولجأت بعض الشركات إلى شراء اعتمادات انبعاثات من شركات كهربائية خالصة مثل تسلا وفولفو. وفي الوقت ذاته، تواصل الصين تسريع التحول الكهربائي، ما زاد من تنافسية شركاتها وأقصى تدريجيًا العلامات الغربية من أكبر سوق سيارات في العالم.
ويواجه صناع القرار معضلة واضحة: فإبطاء التحول يعني تأخير خفض الانبعاثات وتقليل التلوث الحضري، لكنه قد يحمي الوظائف المحلية مؤقتًا، في حين أن فتح السوق أمام السيارات الصينية قد يخفض الأسعار لكنه يعزز هيمنة الصين على الصناعات الخضراء. وتواجه أوروبا صعوبات إضافية في بناء صناعة بطاريات محلية، بعد تأخر أو إلغاء معظم المشاريع المخطط لها.
ورغم التحديات، تشير التوقعات إلى تحسن نسبي، إذ تتوقع “بلومبيرغ نيو إنرجي فاينانس” نمو مبيعات السيارات الكهربائية عالميًا بنسبة 25% في 2025، مع وصول حصتها إلى 56% بحلول 2035، مدفوعة بالسوق الصينية. كما بدأت شركات السيارات بطرح طرازات كهربائية أرخص في أوروبا، ما قد يعيد الزخم تدريجيًا، وإن ظل الطريق إلى حظر كامل لمحركات الاحتراق في 2035 محفوفًا بالعقبات.