الدولار أمام الشيكل في 2026: هل يستمر الانهيار أم نشهد ارتداداً مفاجئاً؟
12:45 مساءً 25 كانون الأول 2025

الدولار أمام الشيكل في 2026: هل يستمر الانهيار أم نشهد ارتداداً مفاجئاً؟

الاقتصادي- شكل عام 2025 نقطة تحوّل حقيقية في مسار الدولار الأميركي، بعدما أغلق منخفضاً بأكثر من 10% مقابل سلة العملات الرئيسية، في تراجع عكس حالة عدم اليقين التي خيمت على السياسة المالية والنقدية في الولايات المتحدة، وأضعفت مكانة الدولار كعملة ملاذ آمن.

ويشير الخبير المصرفي والمستشار المالي محمد سلامة في حديث خاص لـ"الاقتصادي"، إلى أن هذا التراجع لم يكن وليد عامل واحد، بل نتيجة تراكمات سياسية واقتصادية، على رأسها غموض السياسات المالية التي انتهجتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لا سيما ما يتعلق بالتعريفات الجمركية، وتغييرات النظام الضريبي، والتوجه نحو سياسات حمائية أثّرت سلباً على التجارة العالمية، وأثارت مخاوف المستثمرين من انعكاساتها طويلة الأمد على الاقتصاد الأميركي.

واقتصادياً، يلفت سلامة إلى أن مؤشرات التباطؤ بدأت بالظهور في الاقتصاد الأميركي خلال 2025، خاصة في سوق العمل، مع ارتفاع معدلات البطالة، ما دفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى تبني سياسة نقدية أكثر تيسيراً، تمثلت في خفض أسعار الفائدة. هذا التوجه، بحسب سلامة، زاد من الضغوط على الدولار، وقلّص جاذبيته الاستثمارية مقارنة بعملات أخرى.

ويضيف أن تفاقم الدين العام الأميركي شكّل أحد أبرز العوامل التي ضربت الثقة بالدولار، بعدما تجاوز الدين الفيدرالي حاجز 37 تريليون دولار، وارتفعت نسبته إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى أكثر من 120%، وهو ما يعني أن الدولار بات مكشوفاً أمام عجز مالي كبير، يهدد استقراره على المدى المتوسط والطويل، ويعيد طرح تساؤلات جدية حول استدامة دوره كعملة احتياط عالمية.

وفي هذا السياق، يؤكد سلامة أن تراجع الثقة بالدولار تزامن مع تصاعد الخلافات الاقتصادية والسياسية بين الولايات المتحدة من جهة، وأوروبا والصين والهند من جهة أخرى، ما شجّع على بروز تكتلات اقتصادية تسعى إلى تقليل الاعتماد على الدولار أو التحوط من مخاطره، وهو تطور يرى أنه سيكون له أثر تراكمي في السنوات المقبلة.

في المقابل، يوضح سلامة أن الشيكل الإسرائيلي كان من بين العملات التي استفادت من هذا المشهد، مسجلاً ارتفاعاً تجاوز 12% أمام الدولار منذ بداية عام 2025، إلى جانب تحسن أدائه أمام العملات الأخرى وإن بنسب أقل. ويعزو ذلك أولاً إلى التراجع العام للدولار عالمياً، وثانياً إلى الأداء القوي لأسواق الأسهم الأميركية، حيث حقق مؤشرا "ناسداك" و"S&P 500" مكاسب كبيرة، ما عزّز عمليات التحوط التي انعكست إيجاباً على الشيكل.

كما ساهم تحسن المؤشرات الاقتصادية الإسرائيلية في دعم العملة، وفق سلامة، مع تراجع البطالة إلى نحو 3%، وانخفاض التضخم إلى 2.4% ضمن النطاق المستهدف للبنك المركزي، إضافة إلى تحقيق نمو اقتصادي أفضل من التوقعات خلال عام 2025. ويضاف إلى ذلك امتلاك إسرائيل احتياطيات كبيرة من العملات الأجنبية تجاوزت 231 مليار دولار، إلى جانب فائض في الحساب الجاري مدفوع بصادرات الغاز والأسلحة، ما حدّ من الضغوط على الشيكل رغم ارتفاع قيمته، وأسهم في استقراره عند مستويات لم تُسجل منذ عام 2021.

وبالنظر إلى عام 2026، يرى سلامة أن المشهد لا يزال مفتوحاً على نطاق واسع من الاحتمالات، مع توقعات بتقلبات حادة في سعر صرف الدولار مقابل الشيكل. فاستمرار قوة الشيكل قد يدفع البنك المركزي الإسرائيلي إلى التدخل لإعادة التوازن إلى الأسواق، سواء من خلال خفض أسعار الفائدة على الشيكل، أو عبر شراء الدولار وبيع الشيكل للحد من القوة المفرطة للعملة، خاصة إذا بدأت تؤثر سلباً على تنافسية الصادرات.

في المقابل، لا يستبعد سلامة أن تؤدي تطورات سياسية داخلية، مثل احتمالات انتخابات مبكرة، أو تصاعد التوترات الإقليمية مع إيران ولبنان واليمن، إلى إعادة الضغوط على الشيكل، وفتح المجال أمام ارتفاع الدولار من جديد، في حال تفاقمت المخاطر الجيوسياسية.

وبحسب تقديرات سلامة، فإن الدولار قد يتحرك خلال عام 2026 ضمن نطاق واسع، قد يصل إلى نحو 3.10 شيكل في حال استمرار العوامل الداعمة لقوة الشيكل، أو يرتفع إلى حدود 3.50 شيكل للدولار في حال تدخلت السياسة النقدية الإسرائيلية أو تصاعدت التوترات السياسية والأمنية، مؤكداً أن الاتجاه النهائي يبقى صعب التنبؤ في ظل هذا الكم من المتغيرات.

ويخلص سلامة إلى أن عام 2025 أعاد رسم خريطة الثقة في الأسواق العالمية، مع تراجع هيمنة الدولار، واستمرار قوة الشيكل بدعم من عوامل اقتصادية ومالية، فيما يبدو عام 2026 عاماً استثنائياً من حيث التقلبات، تحكمه قرارات السياسة النقدية الأميركية، وتدخلات البنوك المركزية، والمخاطر الجيوسياسية المتصاعدة في المنطقة والعالم.

Loading...