
الاقتصادي- عقد الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان) جلسة استماع موسعة لمساءلة الجهات الرسمية حول نظام الكوتا والقوائم السلعية، على ضوء الارتفاع الفاحش في أسعار اللحوم، وسط اتهامات بالاحتكار وسوء توزيع الحصص، ومطالبات بإصلاحات جذرية تضمن نزاهة النظام وتحقيق الأمن الغذائي.
شارك في الجلسة ممثلون عن مكتب رئيس الوزراء، ووزارات الاقتصاد والزراعة والصحة، وديوان الرقابة المالية والإدارية، والأجهزة الأمنية، والإدارة العامة للمعابر والحدود، إضافة إلى نقابات واتحادات القطاع الخاص، ومؤسسات المجتمع المدني والإعلاميين.
الكوتا فشلت في خفض الأسعار
وقال عصام حج حسين، المدير التنفيذي لائتلاف أمان، إن نظام الكوتا لم يحقق هدفه المعلن في خفض أسعار السلع، بل ساهم في تعزيز الاحتكار والغش التجاري، مستشهدًا بتقارير أعدها الائتلاف بالتعاون مع شبكة وطن، أظهرت رفض بعض الجهات تطبيق نظام الأختام على اللحوم المستوردة، ما يتيح بيعها على أنها لحوم بلدية بأسعار أعلى.
وأشار إلى أن مجلس الوزراء أقر نظام المسالخ عام 2019، لكنه لم يُنفّذ حتى الآن بسبب غياب الجهة الرقابية، وتضارب المصالح بين الجهات ذات العلاقة، فضلًا عن تعطل اللجنة الاقتصادية المشتركة، مما أدى إلى تجميد الكميات المسموح بها رغم تضاعف عدد السكان.
وحذّر حج حسين من تفشي ظاهرة تهريب اللحوم إلى داخل "إسرائيل"، واصفًا الأمر بأنه "مخجل وغير أخلاقي"، داعيًا إلى تغليظ العقوبات بحق المهربين، وكشف المالكين الحقيقيين للشركات المستفيدة من الكوتا، لا الاكتفاء بأسماء المفوضين بالتوقيع.
نشر أسماء المستفيدين ومعايير التوزيع
من جانبه، أكد وكيل وزارة الاقتصاد الوطني، المهندس بشار الصيفي، أن الحكومة شرعت في خطوات إصلاحية لتعزيز الشفافية، شملت نشر أسماء الشركات المستفيدة من كوتا اللحوم، وتوزيع الحصص المعتمدة للربع الأول من 2025، مع فتح باب الاعتراضات، وذلك تطبيقًا لقرار مجلس الوزراء رقم 24/19.
وكشف الصيفي عن أرقام الكوتا الحالية، حيث تُخصص 12,500 طن من اللحوم المجمدة للضفة الغربية وقطاع غزة، و800 طن من لحم الخروف المجمد، و50 ألف رأس من الخراف الحية. لكنه اعتبر هذه الأرقام غير كافية في ظل تضاعف عدد السكان منذ عام 1994، مشيرًا إلى أن الحصة المخصصة لغزة ما تزال مجمدة بانتظار انفراجة سياسية.
وأكد أن لجنة الكوتا، التي تضم ممثلين عن عدة جهات رسمية، وضعت معايير دقيقة لضمان عدالة التوزيع، تشمل سجلًا ضريبيًا نشطًا، وتوفر مرافق تخزين، ومنع الازدواجية في الطلبات، مع إشراك الأجهزة الأمنية عند الاشتباه بأي تلاعب.
وأضاف أن الوزارة خاطبت الجانب الإسرائيلي لرفع الحصص، وتسعى لاعتماد نظام كوتا طويل الأمد، وتحديد سقوف سعرية للحد من المضاربات في السوق. كما يجري التنسيق مع المسالخ لإلزامها بوضع أختام مميزة على لحوم الكوتا لتمييزها عن غيرها.
تساؤلات حول جدوى الكوتا وغياب أثرها على الأسعار
صلاح هنية، رئيس جمعية حماية المستهلك، تساءل عن السبب وراء عدم انعكاس الكوتا على الأسعار في السوق، مشيرًا إلى أن أولى شحنات الكوتا لم تؤدِ إلى أي انخفاض يُذكر، لا في قطاع اللحوم ولا في باقي السلع. وأوضح أن اللحوم المحلية تغطي 85% من احتياجات السوق، والمستوردة يفترض أن تغطي فقط 15%، لكن هذا التوازن غير موجود فعليًا.
وطالب هنية وزارتي الاقتصاد والزراعة بالتدخل لتحديد الأسعار خاصة مع اقتراب عيد الأضحى، مؤكدًا أن غياب الرقابة الحقيقية يسهم في استمرار ارتفاع الأسعار ويضعف ثقة المستهلك.
انتقادات من القطاع الخاص وغياب البيانات الرسمية
نزيه المرداوي، ممثل اتحاد الغرف التجارية الصناعية الزراعية، انتقد بقاء كميات الكوتا دون تعديل رغم النمو السكاني، مع غياب الشفافية في آليات التسعير. وأكد أنه لا توجد قاعدة بيانات رسمية تبيّن التكلفة الحقيقية للحوم المستوردة، أو أعداد الخراف البلدية، مشيرًا إلى أن السلطة الفلسطينية لا تقدم أي دعم فعلي لمربي الثروة الحيوانية.
وفي السياق ذاته، أشار عاصم شواهنة، ممثل ديوان الرقابة المالية والإدارية، إلى أن تقرير الديوان الصادر عام 2018 تضمن توصيات حول نظام الكوتا، منها ضرورة توضيح ما إذا كانت سلطات الاحتلال تمنح فعليًا نسبة 20% من الكوتا، كما تنص اتفاقية باريس، وهو ما لم تؤكده أي جهة فلسطينية حتى الآن.
دعوات لإصلاح النظام وتفعيل الرقابة
أجمع المشاركون في الجلسة على أن استمرار الخلل في إدارة الكوتا يهدد الأمن الغذائي ويعمق أزمة المعيشة، ما يتطلب إصلاحًا شاملًا وتفعيل أدوات الرقابة والمحاسبة، وتطوير نظام توزيع عادل يضمن وصول السلع للمستهلكين بأسعار مناسبة، بعيدًا عن الاحتكار والفساد.